
اتفاقية (نيفاشا) عجزت عن حل الصراع مع الجزء الجنوبى فأخرجت الجنوب من خريطة الوطن مصحوبا بكل اسباب صراعه مع الشمال المتشابكة جذوره فى الماء والكلأ والنار ، ودارفور ما زالت تنتظر (نيفاشا) جديدة لتنهى حربا اساءت الى هذا الوطن اكثر مما اساءت اليه حرب الجنوب ، وجنوب كردفان العالقة على ما تبقى من حبل نيفاشا الرهيف ، متى دقت طبول الحرب على حدود الدولة المرتقبة ، شاءت او ابت ، ستجد نفسها ، كلها او بعضها ، مدفوعة الى رقص متوحش فى عدوانيته ، تدعو نيرانه جنوب النيل الازرق العالق معها على ذات الحبل لمشاطرتها رقصا جماعيا يتعدى نقاط الموت المحرّمة ، رقصا من شأن ايقاعاته ان تيقظ مرارات متفرقة شرقا وشمالا ، ليصبح وضع الوطن الراهن طقسا بدائيا يتجول فيه القتل شيطانا شغوفا بالابادة الجماعية .
اعادة صياغة جغرافيا الوطن على خريطة جديدة لحل صراعاته القاتلة ، مدعاة للتصادم مع مصالح موغلة فى التاريخ ، ستستدعى لحمايتها آخر ما فى الروح من نفس ، هذا ما شهدناه فى ابيىّ ، وما سنشهده لاحقا على خط النار المدعو حدود 1956 ، وما سنشهده فى القادم من الايام اذا قادت نفس الحلول كلا من دارفور و جنوب كردفان والنيل الازرق الى مصير الجنوب ، من هنا يبدو استعصاء ابيىّ على الحل حتى الآن مؤشرا واضحا على فشل هذه الصياغة التى استعصى عليها الحصول على تنازلات تجعل نفاذها ممكنا ، مما يعنى ان لجغرافيا المنطقة تاريخ من مصالح يستعصى على القسمة ، تماما مثلما لهذا الوطن فى كل بقاعه تاريخ من مصالح يستعصى على القسمة بما فى ذلك الجنوب الذى بدأت تلوح فى آفاقه وفى آفاق الشمال ما خفى من وشائجهما .
فأن كان لابد من هذا الحل ، فلا مفر من ان يحظى التأريخ بكل محموله بمكانه المألوف داخل هذه الجغرافيا ، تماما مثلما تحظى قطعان (النوق) والحيوانات البرية فى الجنوب الافريقى بحرية تنقلها التاريخى على ذات الارض رغما عن الحدود التى طرأت عليها و قسمت الارض الى دول .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق