الاثنين، 25 يوليو 2011

شرعية القوة


                    تثير تعابير د. نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطنى فى لقاءاته الجماهيرية او عبر اجهزة الاعلام جدلا كثيرا ، وبلغ فى ندوة ( لندن ) حدا غير لائق من الحدة و العنف ، ومع اكيد تقديرى وتفهمى لدوافع الحدة والعنف التى قوبل بها حديثه وتعابيره التى اخذت كفعل أستفزازى ، الا ان اصرار د. نافع فى لقاءاته المختلفة على استصحاب هذه التعابير حتى اصبحت ظاهرة ملازمة لأحاديثه ، امر يدعو الى البحث عن الرسالة الكامنة داخل هذه التعابير والتى  اراد لها ان تصل الجميع ، علما بأن هذه التعابير ظلت ثابتة رغم اختلاف المحافل التى يخاطبها من ( لندن ) الى ريف الشمال .

                     وافضل اضاءة تنير الطريق امام البحث عن هذه الرسالة ، ان نضع امامنا قول ( فرانسيس فوكاياما ) فى كتابه نهاية التاريخ ( ان الشعور بنقص الشرعية بين افراد الشعب ككل لا يؤدى الى ازمة فى شرعية النظام الحاكم ، الا اذا بدأ هذا الشعور فى الانتشار بين الصفوة المتصلة بنظام الحكم ، وخاصة من يتولون كتل المعارضة ، او الحذب الحاكم ، او القوات المسلحة او الشرطة . فعندما نتحدث عن ازمة فى شرعية نظام استبدادى ، فأننا نتحدث عن ازمة داخل الصفوة المختارة والمرتبطة بهذا النظام والضرورية له حتى يعمل بشكل مؤثر . ) .

                     ولأن الدكتور نافع وبحكم موقعه داخل النظام هو الاكثرعلما بأشكال هذه الصلات التى تربط النظام بمنظومات الصفوة التى اشار اليها ( فوكاياما ) اعلاه ، فبالتالى هو الاكثر ادراكا بمكامن قوة هذا النظام التى تمنحه الشرعية  ، ونظرة خاطفة لتركيبة هذا النظام تكفى لأدراك ما تنطوى عليه الصورة الخارجية لعلاقاته بالقوى السياسية التى تتمتع يقواعد عريضة داخل المجتمع السودانى والتى يعوّل عليها كثيرا فى عملية التغيير فضلا عن استناده على المؤسسات العسكرية والامنية التى نجح الى حد كبير فى اعادة صياغتها على نهج يعزز مقابضه على القوة ، هذا بالاضافة الى تبنيه نهجا اقتصاديا تقتضى مجاراته من رجال المال والاعمال تقديم ولاءات يجيد النظام الحصول على ضماناتها ، من هنا يبدو لى د. نافع على نافع على قدر كبير من الصدق والشجاعة حينما يتحدث بتعابير ( لحس الكوع ) للذين يشعرون بنقص الشرعية لهذا النظام من بين افراد الشعب ولا يملكون فى ذات الوقت اى مظهر من مظاهر القوة التى تهز هذه الشرعية وتدفعها ان لم يكن الى نهايتها فعلى الاقل الحصول منها على حقوق مهضومة او مكاسب مؤملة .

                      فى تقديرى ان الحدة و الغطرسة التى تبدو طاغية على عباراته ليست هى مكمن الأستفزاز وانما حقيقة شرعية السلطة التى تحكمنا و تواصل معها كثيرون فى الداخل والخارج ممن بيدهم القوة اللازمة لهدم اى شرعية وحملتها عباراته بكل اريحية ونبل ، انها شرعية القوة التى تحكم عالمنا الآن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...