الأربعاء، 20 يوليو 2011

ملفات داخل الثورة العربية


                    لا شك ان معظم الانظمة العربية تحظى بنصيب وافر من الاخفاق فى معالجة كثير من القضايا التى ارّقت شعوبها عقودا طويلة كقضايا الحريات والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والتنمية ، وان هذا الاخفاق اضرّ كثيرا بالقوى الغالبة التى سيطرت على مقاليد الامور منذ خروج المستعمرين ، وخصم كثيرا من رصيدها بين مكونات شعبها ، الامر الذى اهتزت معه المعادلات التى حكمت مسار الحياة فى هذه المنطقة ردحا طويلا من الزمن ، وقاد الى الثورات التى يشهدها الشارع العربى الآن .




                    هذه القضايا باتت معلومة ولا تحتاج الى جدل اضافى ، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه بألحاح هنا ، هل هذه القضايا هى التى تشكل ملفات ثورة الشارع العربى الآن ، ام ان هنالك ملفات اخرى تتخفى خلف هذا الحراك وتحمل فى طياتها مشاريعا لا علاقة لها بطموحات الثائرين؟

                     تبدو الاجابة فى غاية الصعوبة والتعقيد ولكن ثمة منعطفات فى السياسة العربية قد تعطى ملمحا عن طبيعة الملفات النشطة داخل ثورة الشارع العربى ، فمنذ ان لجأت مصر بكل ما تمثله من ثقل عربى وتاريخ طويل فى التصدى للقضايا العربية الى الاستنجاد بتركيا لمواجهة المد الشيعى الذى لامس اراضيها على خلفية قضية خلية حذب الله واشعل كل مخاوفها فى ان يؤدى الى يقظة ارث الدولة الفاطمية ، منذ تلك اللحظة بات فى حكم الكثيرين ان الخطوة كانت بمثابة نعى للنظام العربى ان جاز التعبير ، او بمعنى ادق فضحت ان هذا العالم الذى يستحوز على الارض التى تمثل قلب العالم والثروة التى تشكل طاقته الضرورية ، عالم يقف عاريا فى العراء ، عاريا حتى وان تستر بعضه بظل حماية غربية لن يمتد ظلها اكثر من حدود مصالحها القائمة طالما ان هذا البعض لا يمثل جزءا من نظامها القائم كأسرائيل مثلا .

                      من هنا لم يعد خافيا استقبال ميادين الثورات العربية للاعبين غير عربيين وعلى مستوى عال من المهارة والامكانيات ويملك كل منهما جذورا تاريخية ومذهبية فى المنطقة تبدو ظاهرة للعيان من خلال موجات الثورة التى انتظمت الشارع العربى وعلى وجه الخصوص بسوريا التى يتقاطع نظامها مع تركيا فى مذهب الحاكمين وفى نزاعات الارض (لواء الاسكندرونة)ويتوافق مع ايران منذ الحرب العراقية الايرانية وحرب الخليج الاولى والثانية ، فالملف التركى الايرانى يبدو احد الملفات الشائكة داخل هذه الثورات .

                       ومن اخطر الملفات الناشطة داخل الثورات العربية ، هو ( ملف القاعدة ) الحاضر بقوة داخل الثورة الليبية واليمنية ، وتتجلى خطورته فى ان حضوره وحده يكفى لتوفير الزرائع الكافية لمحاصرة الثورة بكل آاليات حرب الارهاب ويقف فى خاتمة الامر حجر عثرة امام تقدم الثورة شأنه فى ذلك شأن ملف الحركات القومية الذى ينشط فى حفز الثورة منذ بداياتها بقوة متماهية مع المطالب العامة للثائرين بمختلف الوان طيفهم ثم ينحرف فى اولى منعطفات الثورة نحو النصر الى طرق عرقية وجهوية وعرة تشكل عقبات رئيسة امام بلوغ غاية الثورة فى التغيير كما فى سوريا والى حد ما فى اليمن .

                       هذه بعض الملفات الناشطة داخل الثورات العربية تبدو فى طبيعتها المتضادة  مدعاة لأغراق البلد فى الفوضى اكثر منها محفزا لأنتصار الثورة ، ولا بد لأى قوى تسعى للتغيير عن طريق الشارع ان يسبق نزولها لهذا الشارع مراعاة اثر هذه الملفات على الحياة العامة فى بلادها ولا بد لأى نظام قائم مواجه بمثل هذا الحراك ان يدرك انه قد وصل الى الحد الادنى من الشرعية التى تمكنه فى احسن الاحوال من ان يشكل مع بقية القوى مظلة آمنة لأنتقال سلمى للسلطة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...