الاثنين، 16 ديسمبر 2013

فى البدء كانت صرخة


                      الصرخة الاولى التى واجهنا بها الحياة ، هل كانت استغاثة ؟ ام كانت تعبيرا عن الألم ؟ كم عدد المرات التى صرخنا فيها طيلة مسار حياتنا ؟ وكم عدد المرات التى وجدنا فيها استجابة رؤوم كتلك التى وجدناها لحظة الميلاد وعلّقتنا على ثدى بدأ عطاءه على الفور من اجل بقائنا فى الحياة ، كأن بينه وبيننا عشرة طويلة ؟ لا ابحث عن اجابات هنا بقدر ما اسعى للتأمل فى عالم الصرخة ، اذ كثيرا ما تراودنى فكرة ان رائعة الطيب صالح (عرس الزين) مصدرها صرخة ، صرخة خرجت عفوا فى زمن ما من مكان ما واضاءت مخبأ امرأة جميلة فى مجتمع محافظ ، فرأى فيها اداة لتحرير ظلمة تلك المخابىء المنتشرة فى المجتمع ، لتجىء رواية (عرس الزين) محمولة على هذه الصرخة .

                      ترى من اى نواح النفس تخرج هذه الصرخة المتعددة النبرات والاهداف ؟ تصرخ لتستغيث ، وتصرخ تعبيرا عن الجزع ، وتصرخ تعبيرا عن الألم ، وتصرخ تعبيرا عن الفرح ، وتصرخ ضجرا من الحياة ، ولكنها فى عمومها تبدو لى تعبيرا عن ضعف انسانى ، او نداء لأحتياج عاجل لدعم او لمواساة او لمشاركة ، بل تبدو اعترافا قاطعا بأنك لن تستطيع وحدك ان تواجه هذه الحياة والا صارت حياتك صرخة متواصلة .

                       انظر حولى وارى انفسا تكتم داخلها صراخا مؤلما ، تكاد ترى نزيفه على وجوههم ، وأسأل ما الذى يخشونه اذا ملأوا الدنيا صراخا ؟ ما الذى يمنعهم من التعبير عما بداخلهم ليشاركهم الآخرون فيه ؟ لماذا يخشون الآخرين ؟

                        للكاتمين الصرخة ثمة حبل انسانى يربط البشر بعضهم البعض فمتى اهتز لصراخك اهتز معه آخرون فى جميع انحاء هذا العالم ، فأصرخ لتختبر هذا العطف الانسانى ، واصرخ لتشيعه بين الناس .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...