الجمعة، 1 مارس 2013

غربة اليوم التالى


                      ( الجيش عاد .. ساعات قصار
                                                       وتكثر علامات الطريق
                        لا تعطف يمين .. لا تعطف يسار
                                                         الوسط يحتمل الحريق
                        ممنوع الوقوف هنا.. ممنوع هناك الانتظار
                        ممنوع التجمهر اثناء النهار ... حظر التجوّل حتى الشروق
                        الف ممنوع قد علمت فتقيّد تغدو حرا طليق )

   الكلمات اعلاه كانت تعزيتى للديمقراطيين الموريتانيين عندما وقع الانقلاب الذى اطاح بالرئيس المنتخب سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله فى 2008 ، وكان قد فاز فى انتخابات وصفها العالم بالنزاهة والشفافية بعد غياب قرابة العقدين من الزمان ، الا ان قادة الانقلاب اخذوا عليه اعاقته لعمل مؤسسات الدولة ومحاولته طرد قادة الجيش وتدهور الاحوال المعيشية اضافة الى عدم تمكنه من تأسيس حكومة ائتلافية متماسكة ، وهى تقريبا جوهر مشاكل عالمنا العربى التى عصفت بأستقرار نظم الحكم فى كثير من البلدان .

                      ويمكن لأى راصد لأوضاع دول الربيع العربى ان يرى مصوغات الانقلاب اعلاه حاضرة فى حراكاتها ، سواء فى مصر او تونس او اليمن ، فقوى المعارضة التى صعدت الى السلطة فى اعقاب ثورات الربيع العربى ، بدت عارية تماما من اى معرفة عما ينتظرها فى اليوم التالى لأستلام السلطة سواء على الصعيد السياسى او الاقتصادى او الاجتماعى او الامنى وعارية تماما عن معرفة شبكة العلاقات الاقليمية والدولية المرتبطة ارتباطا وثيقا بهذه الصعد ، فجاء اداؤها المرتكز على مفهومها الآحادى الضيّق للسلطة كقميص يجب ان يفصّل على مقاسها ، مرتبكا ومربكا وينم عن غربة مفجعة بما تعنيه السلطة .

                       انّ مطلوبات اليوم التالى لأى سلطة جديدة بالنسبة لحياة المواطنين هى ذات مطلوبات ايام السلطة السابقة مع الأخذ فى الاعتبار اخفاقاتها تجاه بعض او معظم تلك المطلوبات ، وايام السلطة السابقة مرتبطة بشبكة مصالح داخلية واقليمية ودولية ، وبالتالى فأن ادارة هذه المطلوبات على الوجه الامثل يقتضى ان تتم فى ظل تراضى حتى لا تصطدم ادارتها بأرادات شبكة المصالح الداخلية والاقليمية والدولية ، اذ ان التجربة الماثلة الآن على ارض سوريا لم تدع مجالا للشك ان هذا الاصطدام هو سيّد الفوضى الدامية القاتلة المدمرة ، والعاقل من اتعظ بغيره .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...