الأربعاء، 27 فبراير 2013

لمن تكال اللعنات ؟


                       السقوف والحوائط المزدانة بالنجف والثريّات والاباجورات والابلكات واحدث حليات الكريستال ، بقدر ما تثير الدهشة والمتعة تثير ايضا الأسئلة المغرضة ، اىّ ظلمة موحشة تلك التى استدعت كل مهرجان الضوء هذا ؟ وأى زيت ذلك الذى اختبأ فى حلكات تلك الظلمة ليغذى هذه النجمات التى تدلّت من السقوف والحوائط عناقيدا من ضوء؟ وهل هو زيت ام عرق ودم تمتصه ظلمة من خلفها ظلمة من خلفها ظلمات كقاع البحر ؟ لست فى حاجة الى اجابة فليس هذا موضوعى وانما فرض المشهد نفسه بما لتلك الحلى الانيقة من قدرة فائقة على استدامة الضوء عاما اثر عام دون ان يحتاج صاحبها الى مراجعة المغالق اسبوعيا لشراء بديلها كما تفعل معنا لمبات النيون التى ملأت اسواقنا هذه الايام .

                       فى بيوت امدرمان القديمة لازالت هنالك بعض الحنفيات او صنابير المياه تعمل منذ عهد الادارة البريطانية ، اى اكثر من نصف قرن وبذات الكفاءة ، ويستطيع اى تلميذ فى الاساس صيانتها خلال خمسة دقائق ، فما الذى اصاب اسواقنا حتى تأتينا بلمبات النيون هذه لتحشر نفسها بسفالة فى ميزانية البيت المتآكلة يوما بعد يوم ؟

                       قال رسولنا الكريم ضمن ما قال ( ليس المؤمن بطعّان ولا لعّان ) الى آخر الحيث ، ولكنه عليه الصلاة والسلام قال ايضا ( من غشنا ليس منا ) ومن هو ليس منا وما انفك يغش فينا وبأضعف الايمان اصب بكل الغضب والغبن الذى عرفه الانسان يوما اسوأ اللعنات على كل من غشنا فى شرابنا وطعامنا وعلاجنا ، اما فيما يختص بلمبات النيون فاللّهم اطفىء بصر وبصيرة صانعها وموردها وموزعها وبائعها ومن قبلهم ومن بعدهم مسئولى المواصفات الذين سمحوا بأدخالها الى بلادنا واخص فيهم اولئك الذين جعلوا بلادنا ارضا لنفايات صناعية الله وحده يعلم ما ينتظرنا من ورائها من كوارث .

                       احس فى هذه اللحظات ان جداتى كنّ اكثر ثورية فى غضبهنّ على هؤلاء المحتالين المجرمين ، اذ يطال دعاؤهنّ كل افراد اسرهم كأنهنّ بذلك الدعاء الشامل والشائع يكتبن قائمة سوداء بالمنبوذين فى المجتمع ، لقد كنتنّ بحق اعظم من اجهزة الرقابة الحالية التى تصرف عليها الدولة الملايين ولا يزال عائدها فى كثير من الحالات مرض المواطن وافلاسه ، الف رحمة ونور تنزل عليكنّ .

                   

                        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...