الأربعاء، 13 فبراير 2013

ايريك واميلى لتجارة الرقيق


                       ما يقارب الست سنوات ظلّ الذين تابعوا واحدة من ابشع جرائم الألفية الثالثة - الاتجار بالبشر  - ينتظرون ما تسفر عنه اجراءات العدالة تجاه ( The Arche de Zoe ) الجمعية الزائفة التى قبض عليها وهى تحاول تهريب 103 طفل افريقى معظمهم من دولة تشاد بأعتبارهم من الايتام المحتاجين للأنقاذ من تداعيات الوضع المتدهور فى دارفور آنذاك وذلك بعرضهم للتبنى فى فرنسا واوروبا ، والقصة بتفاصيلها المخزية كانت قد تناولتها عدد من وسائل الاعلام فى حينها .

                       المهم فى الامر ان الحكومة التشادية كانت قد حكمت على هذه العصابة بثمانية سنوات سجن مع الاشغال ، وبموافقة من الرئيس التشادى ادريس دبى حوّل ملف القضية الى القضاء الفرنسى ، حيث اصدر حكمه على ايريك بريتوا وصديقته اميلى ليلوش بسنتين سجن بأعتبارهما القائمين على الجمعية وغرامة 100000 يورو على الجمعية واحكام اخرى لمعاونيهم .

                        ما يدعو للغضب والمخاوف والاسئلة المؤلمة هنا ، كم عدد العمليات المماثلة التى سبق ان نفذتها ذات الجمعية والجمعيات المشابهة فى مناطق النزاعات بأفريقيا وعلى مستوى العالم دون ان يتم كشفها ؟ واذا وجدنا العذر لضعف اجهزة الرقابة فى افريقيا من الناحية الفنيّة والمادية التى عبرت من خلالها مثل هذه الانشطة الاجرامية فكيف نجد العذر لأجهزة الدول الاوروبية التى ما انفكت تتباهى بقدراتها فى هذا المجال ؟ والاهم من ذلك هل تخضع الجمعيات العاملة فى الحقل الانسانى فى مناطق النزاعات لرقابة دقيقة لأنشطتها من قبل اجهزة دولها التى منحتها رخصة مزاولة النشاط ؟

                         لقد كشفت هذه القضية حنين بعض العقل الاوروبى لتأريخ الثراء الفاحش الذى انتجته تجارة الرقيق ، واستدعى اساليبه الاجرامية الماضية والحالية لتغطية استئناف هذه التجارة البشعة من جديد ، ففى الوقت الذى بذلت فيه الحكومات الاوروبية كل جهد ممكن ومستحيل لتتغطى اخلاقيا فى مكافحتها لهجرة الافارقة ، نجدها ومن خلال هذه الجريمة التى تمت تحت غطاء التبنى تفتح نافذة عريضة لترحيل هؤلاء الاطفال الافارقة الى داخل اراضيها ، فهل تتكرم علينا حكومات الدول الاوروبية بمراجعة شرعية عمليات التبنى التى تمت خلال العقد الفائت والتأكد عما اذا كان اولئك الافارقة المتبنيين لا زالوا يحيون حياتهم هناك وبكامل صحتهم او هيئتهم الصحية التى خرجوا بها من اوطانهم الأم ؟

                       اصبح الشك سيّد النظر للمنظمات الغربية العاملة فى حقل النشاط الانسانى فى مناطق النزاعات بأفريقيا ، اذ يبدو ان الانسانى فى جدول مهامها ان لم يكن غطاءا لأنشطة اجرامية او ربحية  ناتجة من خدمات استخبارية او معلوماتية مختلفة ، فهو آخر اهتماماتها ، وعلى ضوء هذه القضية وفى ظل الازمة المالية التى تمسك بخناق العالم وفى ظل المرونة الاخلاقية العالية التى بدت ملامحها واضحة فى تعاطى بعض الدول الاوروبية والغربية فى النزاعات الدامية فى افريقيا اخشى ان تعود الينا جمعية The Arche de Zoe تحت لافتة (ايريك واميلى لتجارة الرقيق) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...