الأحد، 10 مارس 2013

حلم الحكماء


                      ( السلام حلم الحكماء اما الحرب فتأريخ البشر ) وتاريخ البشر فى جنوب هذا الوطن او كما كان يعرف الى وقت قريب جدا ، كان مهرجانا للوحشية والخراب ، لم يسلم منه المعتدى او المعتدى عليه ، وانبت فى مجرى هذا النيل ادغالا من الكراهية والحقد اكتشفنا هشاشتها ويباسها وسهولة احتراقها مرة ،عندما استحال حلم الحكماء فى اديس ابابا 1972واقعا يمشى على رجلين يجوب البلاد آمنا شمالا وجنوبا ، ومرة ثانية فى نيفاشا 2005 قبل ان تقفز شياطين الشمال والجنوب ومن شايعهما فى الخارج الى قلب تفاصيلها لتمضى فى اتجاه قاد احدى ارجل البلد الى الغابة والثانية الى الصحراء ، وقالوا ان السلام يستحق مهرا اكبر واكثر من ذلك ، وقلنا خيرا ، املنا فى الجغرافية والتأريخ وفى وشائج الرحم والدم ان تحفظ فى وعى الطرفين مصالحهما المشتركة فى الماء والكلأ والنار

                      ولكن السلام فى نيفاشا لم يكن حلم الحكماء ، كان حلم تجار الحروب واحتكار الثروات الذين اتقنوا اشعال نيرانها فى خط التماس الاثنى والعرقى بعرض هذه القارة المغلوب على امرها ، ومنذ الانفصال بلغ جهد الحكماء فى تحقيق سلام مستدام عددا من الاتفاقيات لم يكن الطرفان فى حاجة الى التعنّت والمماطلة للوصول اليها ، لأنها ببساطة من ضروريات الحياة لشعبيهما ومن ضرورات استقرارهما ونمائهما ، وبدا ان حكمة الطرفين النزاعة للسلام ليست فى حاجة الى اتفاقيات لم تعجز يوما فى الوصول اليها ، ولكنها فى حاجة الى حماية هذه الاتفاقيات من الاختراقات من هنا وهناك ومن محيطنا القريب والبعيد .

                      صراعات السلطة والثروة فى الشمال والجنوب ، وتجار الحروب واحتكار الثروات حول العالم ، وقضايا المياه العذبة فى الاقليم وارتباطاتها بقضية الشرق الاوسط ، وغير هذه من العوامل ، تمد اياديها الآثمة لتستنزف البلدين بشرا وثروات ، وما يدعو للحيرة والغرابة ، ان دولا مثل امريكا ودول الاتحاد الاوروبى وبعض الدول الاوروبية المعنية بهذا الصراع والتى اقحمت نفسها فيه طوعا وعمدا ، تقف عاجزة عن حماية الاتفاقيات العديدة التى وقعّت منذ اانفصال الجنوب .

                       السلام هو امانى الشعوب واغانيها الغالية ، والاتفاق الاخير الذى وقّع بالامس باديس ابابا يستحق ان يحظى بالحماية من اشرار الداخل فى البلدين ومن اشرار العالم المتربصين الآن بقتله كما اعتادوا فى كل مرة ، ويستحق ان يحشد المجتمع المحلى فى البلدين وان يحشد المجتمع الاقليمى والدولى كل القوة اللازمة لحمايته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...