الخميس، 14 مارس 2013

رسالة من القرن الثانى عشر


                      تأريخ الكنيسة فى امريكا اللاتينية القريب يضعها ضمن القوى الطليعية الثائرة من اجل قضايا العدالة الاجتماعية ، وتكاد تخلو من اى دور فى مسلسل الفضائح الجنسية التى اجتاحت عددا من الكنائس حول العالم ، الفضائح التى هزّت ايمان المسيحيين فى طهارة قساوستهم ومجمل رجال الكنيسة ، وكادت ان تدفعهم الى اجبار صبيانهم ان يلبسوا احزمة عفة عند اداء صلواتهم فيها ، وصارت القضية الرئيسة التى واجهت البابا المستقيل ، فى ظل هذه الزلزلة التى اصابت الكنيسة الكاثوليكية ، جاء انتخاب الكاردينال خورجى ماريو بيرجولى الارجنتينى الجنسية الذى يعيش فى شقة متواضعة ببوينس ايرس ، بابا للفاتيكان ليكسر قبضة اوروبا التى استمرت عدة قرون على كرسى البابوية حسب رويتر .

                      الرسالة البارزة فى هذا الانتخاب ، ان امريكا اللاتينية التى سبق وان صعدت صناعيا واقتصاديا عبر البرازيل لمجموعة العشرين ، وصعدت ثقافيا عبر مبدعيها فى الرواية مع جابريل غارثيا ماركيز وغيره ، وصعدت رياضيا عبر تفوق لاعبيها المشهود لهم بالكفاءة والابداع على نطاق العالم ، وصعدت سياسيا مع زعماء ورؤساء من النقاء والطهارة امثال خوسي موخيكا وغيره ممن ظلوا يعيشون وسط العامة دون اى تمييز كأنما كان الفاروق عمر قدوتهم ، تصعد الآن دينيا عبر بابا الفاتيكان الجديد ، وكأن العالم على موعد مع تحوّلات كبيرة قد تخبو فيها قارات وتبرق فيها قارات منسية ، اما الرسالة الأبلغ كانت تلك التى استدعاها البابا الجديد من القرن الثانى عشر وجعلها هويته (فرانسيس الأول) ، وفرانسيس هذا حسب ما اوردته رويتر ، قديس عاش فى القرن الثانى عشر ، تخلى عن ثروته ليحيا حياة الفقراء ، ويبدو واضحا ان اختياره لهذا القديس اسما استهلّ به مهامه البابوية يعنى ضمن ما يعنى مشروعا اهم اجندته قضايا العدالة الاجتماعية ، العدالة التى  ترآءت فيها ثروة ذلك القديس ظلما وظلاما قيدّت خطاويه فى بحثه عن الحق والنور فتخلى عنها طوعا وزهدا ، انها بحق رسالة جاءت فى وقتها ، فالعالم يعيش احلك ايامه شراهة نحو الثروة ، اشعل الحروب من اجلها واستغلّ كل شىء من اجلها بدءا من خوف الانسان وانتهاءا بأستباحته لمقدساته التى اتخذها تجارة ومطيّة لمصالحه.

                       البابا فرانسيس الاول رسالة جديدة يحتاجها العالم ، يحتاجها الصراع الدائر الآن حول الاصلاح الاقتصادى بين البيت الابيض والكونجرس الامريكى ، ويحتاجها الصراع الدائر فى مجلس الامن حول بؤر النزاع فى العالم ، وتحتاجها دول العالم الواقعة تحت رحمة مؤسسات التمويل العالمى ، فهل ترى تمضى الى غاياتها ام تتلاشى فى فنجان قهوة ؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...