الخميس، 16 يناير 2014

وقفة مع المراجع العام


                          هى وقفة قصيرة جدا مع تقرير المراجع العام ، وبدون الخوض فى تفاصيل الارقام ، فأن الحجم المهول للمال المهدر من اعتمادات الميزانية العامة ، بقدر ما يصيب المرء بغصة فى الحلق من ذلك النوع الذى يقطع النفس ، الا ان هنالك ملاحظات تبدو اضواءا مطمئنة فى آخر هذا النفق الحالك السواد .

                          اولى هذه الملاحظات التى نحمد الله عليها كثيرا ، اننا لا زلنا نحظى بنساء ورجال عاهدوا الله على الحق وحمايته و لا يخشون فيه لومة لائم ولا ارهاب المجرمين ، فالتحية والتقدير لكوادر المراجع العام الذين ما انفكوا فى كل عام يفتشون جحور الافاعى ومراقد التماسيح من اجل الحفاظ على المال العام ، والتحية والتقدير لأولئك الجنود المجهولين الذين يعملون فى الظل دعما لكل جهد يسعى لجعل الحياة فى هذا الوطن كريمة ومستقرة ، والحمد لله الذى حبانا بمراجع عام ظلّ طيلة هذه السنوات يقدم تقاريرا امينة تعد مفارقة فريدة فى بلد تشم فيها رائحة (عواسة) تقاريرها الملتوية من قبل سنوات وسنوات ، بما فى ذلك (عواسة) تقارير نتائج الانتخابات ونتائج امتحانات المراحل الدراسية والجامعات ايضا .

                           الملاحظة الثانية ، ان ارقام الميزانية التى تمت مراجعتها بمالها المهدور وغير المهدور ، تعكس بجلاء ، اننا نعيش على ارض كريمة معطاءة ، واننا شعب منتج ، استطعنا رغم الظروف العصيبة التى تحيط بنا ، ورغم الضغوط الحياتية الواقعة على المواطن ، استطعنا ان نضخ لخزينة الدولة هذه المليارت التى ما فتىء المراجع العام يتقفى اثرها عاما اثر عام .

                           الملاحظة الثالثة ، ان تقارير المراجع العام هى فى الواقع تأريخ اسود وموثق للصوص المال العام ، تستوجب ان تنشر على الملأ لنعرفهم حتى اذا عجزت قوانين الدولة عن ردعهم يحرّك المجتمع قوانينه الخاصة لردعهم وعزلهم .

                           الملاحظة الاخيرة ، لا زالت المتاجرة بأسم الدين قائمة على قدم وساق ، فمن اراد ان يصير مليونيرا اسلاميا ، فيمكنه ان يتاجر فى الشعائر او ان يتلبس حالة من حالات مصارف الزكاة ، فهل يعقل ان تجنى جهة ما او شخص ما من ديوان الزكاة مبلغ 8 مليلرات لأستيراد 33 سيارة للديوان ولا يسلّم منها سوى اربعة سيارات ، ثم يغيب عاما ونصف ليسلّم البقية ، وحسب العقد المبرم بينه والديوان يكون ملزما فى هذه الحالة بدفع غرامة قدرها اكثر من 800 مليون ، وبكل جرأة يحشر نفسه ضمن زمرة الغارمين ليتولى الديوان اعفاءه منها (يا عينى على المثل القائل من دقنو وفتلّو) .

                          الوطن لا يزال بخير ، وابناؤه لا يزالون بخير ، وغدا لهم ائتلاف بين نهر وظل ، وغدا لزمرة اللصوص اما كفن واما زنزانة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...