السبت، 11 يناير 2014

جاورت بحراء شهرا


                       حراء لم يكن غارا موحشا فى جبال مكة الا لمن اغوتهم الحياة الدنيا وعاثوا فى فسادها ، لقد كان حاضنة آمنة للحنيفية السمحاء ، يعرف سره هذا كثيرون تحنّثوا فيه ، من بينهم عبد المطلب ، ولكن لم يكن من بينهم من جاوره شهرا ، شهر بحاله ظلّت جبال مكة تستأنس من وحشتها وظلمتها بمن اضاء مولده الكائنات ، وتتحرق شوقا لطلته كلما انتقل حضوره الى نواحى مكة او غيرها ، يتراءى لى احيانا ، ان من ضمن المحتفين الأول بمولده صلوات الله وسلامه عليه كان غار حراء ، واحس ان سفرا طويلا يكمن خلف قوله (جاورت بحراء شهرا) ، سفرلا يبين لى شيىء منه سوى هذه الالفة المحاطة بأسرار ألهية والتى ربطته بهذا المكان الغارق فى السكون وقتها ، والذى استحال لاحقا مهبطا للوحى  او مضيفا لرسول من السماء .

                        اربعون عاما وهذا الغار تتطهر كل ذرة من ترابه بفيض روحه الطاهرة كلما ناجت فيه الله بفطرة كتبت نبؤتها فى الازل ، اربعون عاما تستضىء جدرانه بنور ترى اوله فى السماء مرة وترى اوله فى الارض مرة اخرى ، و وحدها الرسالة التى كانت تدرى انه طريقها الى المبعوث رحمة للعالمين ، اربعون عاما وهذا المشهد النبوى يغمر الأرض ببشريات ستعيد البشرية الضالة فى تلك البقاع الى انسانيتها المفقودة ، الى الحرية ، الى السلام ، الى العدل ، الى الاخاء ، اربعون عاما محاطة بزخم نبوى عظيم بعرف سره هذا الغار ويعرف اسرار مناجاته فيه .

                       للسيدة عائشة رضى الله عنها قول متفق عليه جاء فيه ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ولكن كان يتكلم بكلام بيّن فصل يتحفظه من جلس اليه ) .

                        لا يكفى سردنا مهما يطول ان يف لحظة الميلاد حقها ، وليس لدينا فصل الكلام وبيانه لتعى البشرية هذا الفضل الواسع العريض الذى حلّ بها ، ليس لدينا سوى ان نستعير قوله عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) .

                           وكل عام والمسلمون بخير وكل عام والبشرية بخير وسلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...