فى اليومين الماضيين ، اثارت مسألة لاعب النادى الاهلى المصرى احمد عبد الظاهر جدلا جديدا فى حياة مصر التى لم يتوقف الجدل فيها منذ فض اعتصام رابعة العدوية ، فاللاعب المذكور كان قد رفع علامة رابعة التى صارت رمزا للأسلاميين المصريين عقب فوز النادى الاهلى ببطولة افريقيا ، ونتيجة لذلك قرر النادى الاهلى معاقبته بحرمانه من اللعب فى بطولة العالم للأندية ، وحرمانه من مكافأة الفوز ببطولة افريقيا ، وعرضه للبيع .
العقوبة بما فيها من قسوة واجحاف واهانة للاعب مبدع ، الا ان رفعه لعلامة رابعة عقب فوزناديه ببطولة قارية ، كان استغلالا مبتذلا سعى لتجيير نصر كبير لصالح اخوان مصر وحلفائهم دون ان يكونوا قد بذلوا فى هذا النصر مثقال ذرة من جهد ، ودفع بمؤسسة رياضية عريقة كالنادى الاهلى الى اتون المعترك السياسى المشتعل بمصر ، هذا فضلا عن آثار اخرى اهمها فى تقديرى خواء هذا الفكر الذى يرى فى تعلّقه بأرجل لاعب كرة قدم مبدع سانحة للترويج عن اهدافه ، فكر يترك ميدان المنازلة الحقيقى لينتظر انتصارات ميادين الرياضة او الفن او الادب ليسوّق لرؤياته ورؤاه بجهد الآخرين ، فكر يحمل رجل و يد و عقل المبدع ليقتله بها ويقتل ابداعه معه ويحرم مجتمعه من انبل واسمى انواع العطاء .
لا ادرى لماذا يلجأ بعض المبدعين ممن يحظون بشعبية متعددة الأطياف الى ان يكونوا مطيّة صارخة لتيار سياسى ، اسلاميا كان هذا التيّار او علمانيا او ايّا كان ، ولماذا تقبل تلك التيارات ان يكون عطاء ذلك المبدع خاضعا بأكمله لتوجهاتها ؟!
مما يحكى عن الفنان الكبير الراحل المقيم محمد وردى ، انه كان متحسسا لهذه المسألة بشدة عند اول نشاطه بالحذب الشيوعى السودانى ، وانه ناقشها مع سكرتيره الاسبق الراحل عبد الخالق محجوب الذى احلّه فى ان يغنى ما يشاء ، فغنى (جميلة ومستحيلة) و (بناديها) وسلسلة من الاناشيد التى تهز الارض ، وغنى (المرسال) و(الحنينة السكرة) و (الناس القيافة) وكان عطاؤه مرشدا الى ان ما يجمع الآخرين مع بعضهم البعض يمكن ان يكون صوت شيوعى او اسلامى ، او كما قال محمود درويش ( وصوت فيروز الموزع بالتساوى بين طائفتين يرشدنا الى ما يجعل الاعداء عائلة) .
ايتها التنظيمات السياسية ، ايتها الحكومات ، دعوا المبدعين فى حالهم فهم ملاذ الغالبية المكتوية بنيرانكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق