الأحد، 10 نوفمبر 2013

ضجر الليل


                       هذه الليلة اولها ضجر ، ضجر يزحف امواجا امواجا ويضرب فى الداخل مباشرة ، يضرب مثل (تسونامى) قادم من فوضى فلكية اهتزت لها الكواكب ، يضرب ويضرب ثم يبدأ انحساره كأبن آدم يخارج فى الروح ، و يمضى مخلفا حولك كل دواخلك ، يا للهول ! انت الآن حبيس فى وسط (خرابة) نفسك ، كل هذا (الكرور) الذى يحيط بك لا يغرى بالأستمرار ، كل هذا (الكرور) الذى يحيط بك ، يغرى بالرحيل الى بدايات جديدة ، بدايات تفتح ابوابها على المجهول ، اقربها اليك ، تلك التى تلفك فى كفن وتعود بك الى اصلك ، لا تتهرّب ولا تتضارى ولا تحتال ، هذا انت او هذا تأريخك الذى كنته حتى هذه اللحظة ، انفجر فيه او فجّره حولك ، او اعمل بقول كريم الوجه (رض) الامام على ( ليلزم كل بيته ويبكى خطيئته) .

                      ابك واسأل دموعك ان تغسل خطاياك وان تغسل خساراتك وان تغسل ما خلّفه القهر والظلم والحرمان المستوطن داخلك من سواد ، ابك واسأل دموعك ان تسيل خمرا فى طريق العاشقين او ان تسيل نارا فى طريق الطغاة المستبدين ، هل تعرفهم ؟ اعنى الطغاة المستبدين ، هل تعرفهم ؟ اوّلهم ذلك المدرّس الكريه الذى استقطع من نمرك العالية وفاءا لوعد فاجر ، ليعلو عليك تلميذ فى صفّك ، معرفته بفك الخط كمعرفته بتنظيف مناخيره المتخمة بالقذارة ، هذا المدرّس الكريه الذى قابلك اوّل عهدك بالمدرسة ، هو اول الطغاة المستبدين ، واول الخونة الفاسدين ، والبقية التى صادفتها فى تأريخك الذى يحيطك الان بكل هذا الكم الهائل من (الكرور) ، هذه البقية من اصغرها الى اكبرها والى اكبر اكبرها ، صورة مستنسخة من ذلك المدرّس الذى خان امانته وجعل سلطته اسيرة لهواه ، هكذا حمى و يحمى عالمنا اساسه الفاسد .

                    لا تلتفت الى هذا (الكرور) الذى يحيط بك ، فهو ليس لك ، انه مخلّفاتهم ، تشبههم تماما ، اصففها على حبل وعلّقه على سور منزلك حتى يروا عوراتهم معروضة على الشارع ويروا كيف يتأفف المارة من نتانتها او من نتانتهم ، ثم احمل عشقك الاكبر فانوسا يخرجك من عتمة هذه الليلة المضجرة ، وناجى مع مولانا جلال الدين الرومى (ايها العشق اما ان تسقنى المزيد من الخمر او تتركنى وحدى) ولكنك لست مثله ، فهو يقف فى لحظة مناجاته خارج كوكبنا هذا ، خارج زحامه وتزاحمه ، خارج حلاله وحرامه ، خارج موته وحياته ، فهو يقف فى تلك اللحظة امام من بيده بداية كل شىء ونهايته ، وانت تقف الآن وسط هذا (الكرور) الذى يحيط بك ، فليس امامك سوى ان تحمل عشقك الآصغر فانوسا يخرجك من عتمتك الى حيث وجهها المضىْ ، ثم غن لها بشغف فتى (تعالى .. تعالى) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...