الاثنين، 28 نوفمبر 2011

مع وليد المعلّم


                 يبدو ان الجامعة العربية فى تعاطيها مع النظام السورى حول الازمة القائمة بتداعياتها الخطيرة على الشعب السورى وعلى المنطقة ، فات عليها قدرات كوادر هذا النظام التفاوضية التى اكتسبها من خلال معاركه الدبلوماسية الطويلة فى صراعه مع اسرائيل ، والتى اقنعت منظر السياسة الخارجية الامريكية هنرى كيسنجر ابان توليه ملف ازمة الشرق الاوسط عقب حرب 1973 ، فقد كان الطرف السورى فى هذا الملف هو الاشد مراسا والأكثر يقظة تجاه الاجندة التى تتسلل من خلال المفاوضات وتتعارض مع مصالحه حسبما اشار الى ذلك فى مذكراته ، وهذا ما فات على كادر او اللجنة الوزارية للجامعة العربية التى تولّت اخراج قراراتها الأخيرة واتاحت بثغراتها لوليد المعلّم فسحة واسعة للشك فى النوايا التى وقفت خلف العقوبات بأعتبارها نوايا استهدفت النظام اكثر من استهدافها الوصول الى حل يجنّب الشعب السورى الدماء والدمار ويمكنه من طىّ هذه الصفحة السوداء فى تأريخ سوريا .

                 الآن ، اعاد النظام السورى الكرة الى ملعب الجامعة ، فقد اكد التزامه بخطة العمل العربية حسبما ابان وليد المعلم فى مؤتمره الصحفى عصر هذا اليوم ، ولكى تنأى الجامعة العربية من حالة الارتباك التى ادخلت نفسها فيها بمحاولتها لعب الدورين فى هذه الازمة ، دور الوسيط الساعى الى تقريب وجهات النظر بين المعارضة والنظام للألتقاء فى منطقة وسط ، تقود الى ترتيب الاوضاع السياسية فى سوريا بحيث تكفل للجميع حقوق متساوية فى العمل السياسى ، ودور المناصر للشعب السورى واطراف معارضاته المنادية بأسقاط النظام ، ولكى تنأى من هذه الحالة المرتبكة ، عليها ان تختار وبشكل واضح لا لبس فيه اى الدورين ستلعب فى هذه الازمة وتتحمل تبعات ذلك ؟

               من جانب آخر ، فأن النظام السورى لا يزال اسيرا لحالة من العمى لم تمكنه من رؤية المهاوى التى يقف على اعتابها ، فأطروحاته حول الاصلاح وان كانت ظاهريا تاتى ملبية لكثير من المطالب التى حملها الشارع السورى فى بداياته الثائرة ، الا ان عامل الوقت قد تجاوزها ، فضلا عن ان حصرية تصميمها بيد النظام يلغى دور الآخر السورى فى المشاركة ويكرّس مبدأ وصاية النظام على شعبه وهذا بالضبط احد الاسباب التى ادت الى ثورة الشارع السورى ، فهذا الجهد غير كاف لطمأنة اطياف المعارضة خاصة مع استمرار حالة العنف التى يتحمل النظام قسمها الاكبر بأعتباره البادىء بها وهيأ بذلك للكامنين وغيرهم الولوغ فيها ، فوقف حالة العنف هى التحدى الاكبر الذى يواجهه النظام الآن .

                عامل الوقت اصبح خصما جديدا ضمن صف طويل من الخصوم التى تتربص بسوريا الآن ،  قد يكون توجه الجامعة العربية بعقوباتها اخف هذه الخصوم ، وقد تستطيع سوريا بما تملكه من اوراق ان تبطل مفعولها او ان تعكس نتائجها لتطال آخرين حسب تلويحات وليد المعلم فى مؤتمره ، ولكن حين تبلغ هذه الازمة مطابخ المجتمع الدولى والذى يبدو قريبا ، فأن هذا المجتمع لن يجد فرصة افضل من هذه لحرق الاوراق التى تمسك بها سوريا والتى عطّلت كثيرا من مشاريعه فى المنطقة ، وعندها لن يجد النظام شيئا يقايض به ما ينتظره من مصير .

هناك 4 تعليقات:

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...