السبت، 12 نوفمبر 2011

ثلاث ملفات عاصفة


                 يبدو ان العالم العربى على موعد مع عواصف جديدة ، فقد اصطفت فى سمائه اخطر الملفات ، وفتحت اغلفتها معا فى وقت واحد ، تزامن مع ثورات الشارع العربى المستعرة فى سوريا واليمن ، والمنذرة بأنفجارات مماثلة بالبحرين ، واخرى كامنة خلف صبر العديد من مدنه وبلداته الواقفة على حدود الفقر والظلم والمذلّة .

                 فملف الدولة الفلسطينية اخذت رياح الفيتو الامريكى المنتظر تبعثر فى اوراقه على طاولة مجلس الامن المحكومة بموازنات سياسية لا علاقة لها بالحقوق وانما سيّدتها المصالح ، وهى رياح واعدة ومتوعدة بأستحالة جمع اوراق هذا الملف الا على طاولة المفاوضات ، وطاولة المفاوضات بالرغم من الدعم الامريكى والاوروبى والدولى ، لم تستطع ان تضيف الى الجهود المبذولة لحل هذه القضية المزمنة سوى مزيدا من القضايا الشائكة التى صنعتها عقلية السياسة الاسرائيلية المتخصصة فى انتاج العقبات الكؤود امام فرص الحل ، وتوجيه الصفعات يمينا ويسارا للأطراف المجتهدة فى سعيها للوصول الى حل نهائى بقيام الدولة الفلسطينية يحقق للمنطقة سلاما دائما ، ونتيجة لهذه المراوغات اخشى ان يخرج هذا الملف قريبا جدا من ايدى السلطة الفلسطينية لتتلقفه اياد ليس لديها ما تخسره اذا اشتعلت سماء المنطقة بالنيران او تزلزلت ارضها بالانفجارات .

                  اما الملف النووى الايرانى ، فالغموض يلف خطوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفتحه فى هذا التوقيت مرددة ذات الاتهامات حول البعد العسكرى لبرنامج ايران النووى ، ويدعو للتسآؤل عن مغزى تزامن فتحه مع العواصف التى تواجهها المنطقة والتى لم تهدأ وتيرتها بعد ولا ينتظر هدؤها قريبا ، ورغم قناعات الكثيرين بأن امتلاك ايران للتقنية اللازمة والجاهزة لصنع قنبلة نووية ، بات امرا مرجحا ، الا ان حجة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن يوافقها الرأى ،تبدو ضعيفة اذا تمت مقاربتها مع مشروع باكستان النووى ببعده العسكرى ، فباكستان بما تعتمل من صراعات داخلية هزّت كثيرا من استقرارها ، ومع دوامات عنف المتطرفين الجارية داخلها والمحيطة بها ، الا ان المخاطر من مشروعها النووى بترسانته العسكرية فى ظل اوضاعها المضطربة هذه لم يحظ بذات المخاوف التى حظى بها الملف النووى الايرانى الذى لا يزال فى اطواره الابتدائية ، كما ان المهتمين بهذا الملف اغفلوا البعد المذهبى الذى يلعب فيه دورا رئيسا ، فطالما حظيت باكستان بغالبيتها السنية بمشروع نووى ذا ابعاد عسكرية ، فأن ايران الشيعية لا بد لها من مشروع مماثل ، فالسباق بين المذهبين لم يهدأ عبر التاريخ ولن يهدأ فى هذا الملف مالم يتم تفكيك المشروع النووى الباكستانى فى أبعاده العسكرية ، عدا ذلك فالعالم موعود بعضو جديد فى النادى النووى ، لذا فأن التهديدات التى اعلنتها القيادة الايرانية هى تهديدات حقيقية اكثر مما يتصور الكثيرون .

                  ويبدو ملف المحكمة الجنائية الخاص بأغتيال رفيق الحريرى والذى شرعت المحكمة فى مباشرة اجراءاته فى هذا الوقت المحتشد بالعواصف فى سماء المنطقة ، الضلع الثالث المكمّل لمثلث الرعب الذى تنتظره المنطقة ، فموقف حذب الله المعلن منه ، وموقف سوريا المحاصرة الآن بثورة شعبها منه ، يجعل من الحضور الايرانى فى تداعياته امرا حتميا بحكم ارتباطاتها مع سوريا وحذب الله ، وبحكم التهديدات الاسرائيلية المستهدفة لبرنامجها النووى ، مما يجعل اجراءات المحكمة فى هذا الوقت مدخلا لهذه الاطراف لتحيل عبره لبنان الى قاعدة رئيسة لصدامهم ، ومخرجا للجناة للأفلات من العقوبة .

هناك تعليقان (2):

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...