الاثنين، 7 نوفمبر 2011

المشهد السورى


                    الازمة فى سوريا رغم تكاليفها الباهظة على صعيد الارواح والدماء والدمار الذى طال العديد من مدنها واحدث شروخا عميقة فى وجدان الشعب السورى والشعوب العربية ، الا ان القوى النافذة داخل النظام السورى ، لا تزال تتعاطى معها بذات النهج الذى صعد بحراك الشارع السورى بمطالبه المحدودة التى نادت بأصلاحات محدودة ، الى ازمة فتحت الأبواب على مصراعيها للتدخل الاجنبى وجردت النظام من الشرعية التى كان يحظى بها الى وقت قريب .

                     وفى هذا الوقت الذى بدت فيه كل فرص الحل الداخلى مجرد امانى مستحيلة ، جاءت مبادرة الجامعة العربية مثل ( يد مدت من خلال الموج لغريق ) وسعد الكثيرون الحريصون على استقرار سوريا وسلامتها بهذه الخطوة التى فتحت نوافذا للأمل مبشرة بأنتقال الاوضاع فى سوريا من هذا الواقع المنذر بأيام مظلمة الى انفراجة من شأنها ان تحفظ ارواح وتحقن دماء هذا الشعب العزيز ، وترتب لمستقبل آمن ، الا ان استمرار النظام على ذات النهج الذى صنع هذه الازمة رغم توقيعه بالموافقة على المبادرة العربية ، بقدر ما احدث من صدمة فى وجدان الشعب السورى حتى باتت القطيعة نتيجة حتمية ونهائية ، و طالت الصدمة  الشعوب العربية والضمير العالمى الحر ، وهيأت المجتمع الدولى للتحرك ثانية تجاه هذه الازمة ، بقدر ما ادى الى التسآؤل عن سر هذا العمى الذى حجب عن القيادة السورية رؤية هذه النتائج المروّعة التى احدثها هذا النهج المختل على حاضر ومستقبل سوريا .

                     واكثر ما يدعو للتسآؤل هنا ، ما هذه العقيدة التى اباحت للجيش السورى ان يقاتل شعبه ويهدم مساكنه حتى ألحقته بما خلّفه من ضحايا وخراب بأكثر جيوش الغزاة توحشا وهمجية عبر التاريخ ؟ وعلى ماذا يراهن النظام باصراره على التمسك بهذا النهج القاتل والمدمر ؟ اخشى ان يكون رهانه على (الفيتو) الروسى والصينى قد عمى بصره عن رؤية حقيقة ان (الفيتو) وان استطاع ان يعطّل  عملية التدخل الدولى الى حين ، فأنه لم يستطع ان يعطّل انتفاضة الشارع السورى التى اخذت تتصاعد يوما بعد يوم ، ولم يستطع ان يعطّل الأنشقاقات فى صفوف الجيش السورى المتزايدة حتى صار جيشا يقاتل بعضه بعضا ، ولم يستطع ان يحجب عن الانظار حقيقة ان المشهد برمته يعكس اخطر الصدوع التى يمكنها ان تهدم الدولة وتحيلها سريعا الى ارض تعمّها الفوضى ، فهذا رهان خاسر .. خاسر ، فورقة (الفيتو) بين الكبار قابلة للمقايضة فى سوق السياسة الدولية المحتشد بالقضايا المتشابكة بينهم .

                       ان كان لا يزال داخل النظام السورى من عقلاء ، وان كان لا يزال داخل الجيش السورى من عقلاء ، فليس هنالك افضل من هذا الوقت للتحرك بخطوات شجاعة للحيلولة دون ان تنزلق سوريا الى اوضاع يصعب انتشالها منها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...