الاثنين، 14 نوفمبر 2011

جامعة ام حلف عربى ؟


                  جامعة الدول العربية ومنذ تأسيسها اتسمت بمواقف حيادية تجاه قضايا الشعوب العربية القائمة فى مواجهة عسف وبطش حكوماتها ، وهذه السمة ضمن اسباب اخرى ، دفعت تلك الشعوب وبعض مكوناتها وافرادا منها ، ان تتجه يقضاياها الى المنظمات الدولية بحثا عن نصرة ، ونتيجة لذلك صارت العديد من المنظمات والدول الاجنبية ، حاضنة امينة وحامية قوية ، لأفراد وجماعات داخل الشعوب العربية ، ظلّت تعانى من انتهاكات مريعة فى حقوقها وحرياتها وصلت الى حد تهديد حقها فى الحياة ، ومن هنا اكتسب البعد الاجنبى حضورا بارزا فى معظم صراعات المنطقة ، واصبح بديلا مرغوبا عن الدور العربى الذى غاب عن خدمة تلك القضايا .

                   والجامعة العربية الآن بدأت تلعب دورا جديدا فى الازمات العربية مثلما حدث مع ليبيا وكما يحدث الآن مع سوريا ، وبالرغم من انه دور مطلوب بشدة ، الا ان معايير منطلقاته تبدو لدى البعض اقرب الى تحالف طارئى اكثر منها سياسة ثابتة ومبدئية فى مواجهة طغيان الحكام ، فأذا تعذر توطين مبدأ التدخل فى ميثاق الجامعة وفقا لأسس واضحة وصارمة ، فما الذى يمنع استدامة هذا التحالف الذى نقل مواقف الجامعة العربية من حياديتها السابقة الى مواقف ايجابية داعمة لقضايا شعوبها ؟

                    فالصراع حول السلطة والثروة ليس امرا طارئا فى الحياة العربية ، فهو قائم منذ القدم ولكن النخوة والحكمة العربية كانت قد ابتدعت طرقا ومعاييرا عادلة ونزيهة للجمه ، وأرثنا التأريخى يزخر بأكثرها كمالا فى (حلف المطيبين) الذى تأسس لدعم بنى عبد الدار بعد ان قررت جماعة من قريش سحب شرف خدمة الكعبة (الحجابة) وشرف سقى الماء للحجيج (السقاية) , وشرف حمل اللواء فى الحروب (اللواء) ،  فأجتمع انصار عبد الدار من قريش واخرج بنو عبد مناف وعاءا مملوءا بالطيب (العطر) ثم غمس الحضور ايديهم فيه وتعاهدوا على نصرة بنى عبد الدار والمظلومين من بعدهم ، ثم مسحو الكعبة بأيديهم توكيدا على انفسهم ، ومن هنا جاءت التسمية بالمطيبين .

                    فقصة هذا الحلف على بساطتها تحكى فصلا عظيما عن اخلاق وقيم ومبادىء العرب فى نظرتهم لحقوق السلطة ، فسحب شرف الحجابة والسقاية واللواء من بنى عبد الدار بالشكل التآمرى الذى اعدت له تلك الجماعة من قريش دون ان يكون قد صدر من بنى عبد الدار ما يسىء استخدامها ، عد ظلما وقع من ظالمين على مظلومين ، وهو فى واقع الحال يبدو اول انقلاب على السلطة موثق فى تاريخ قريش قبل الاسلام ، وعلى هذا الحلف تأسس فى تقديرى اول معيار عربى حول حقوق السلطة حدد بموجبه شروط نزعها واعادتها .

                     اما حلف (الفضول) الذى قال فيه رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة (لقد شهدت فى دار عبد الله بن جدعان حلفا ما احب ان لى به حمر النعم ، ولو ادعى به فى الاسلام لأجبت) هو الثانى فى هذه المنظومة المبدعة ، وقد قام على نصرة المظلومين سواء اكانوا من قريش او من غيرها وقد طغى عليه الاهتمام بالقضايا المتعلقة بحقوق الاموال وما اكثرها فى عالمنا اليوم ، وقد ظل نابضا فى العقل العربى حتى بعد الاسلام ، اذ ان مجرد التصريح بالمناداة به كفيل بأعادة الحقوق من غاصبيها ولو كانوا حكاما من اصحاب الشوكة كما فى قصة الحسين بن على بن ايى طالب والوليد بن عتبة والى معاوية على المدينة ، (راجع سيرة ابن هشام ووكيبيديا على قوقل ) .

                    وما يهم هنا ، ان اخلاق العرب وتراثهم من قديم الزمان ، وما جاء به الاسلام من اعظم المبادىء على صعيد الحريات والحقوق والعدالة ، تتيح للجامعة العربية مجتمعة او بتحالف منفرد من داخلها ، العمل على نصرة شعوبها المظلومة من بطش حكامها .

هناك تعليقان (2):

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...