الاثنين، 5 ديسمبر 2011

البحث عن مصر


                  مصر فى المخيلة العربية ، مشروع دولة حديثة بدأ مع محمد على باشا ويقف الآن على اعتاب حذب النور السلفى ، الحذب الذى اربك حسابات الكثيرين وعلى وجه الخصوص حسابات الاخوان المسلمين بعد ان حصل على الترتيب الثانى فى الانتخابات ،  فأين اختفت مصر التى نعرفها ؟ مصر الازهر الشريف والبابا شنودة ، مصر جوائزنوبل ، مصر السينما والمسرح وسعاد حسنى ، مصر الشعر والقصة ونجيب محفوظ ، مصر ام كلثوم وعبد الحليم حافظ ومصر عبد الباسط عبد الصمد الذى طالما اشعل غيرة المغنيين .

                   هل كانت صورة مصر بكل جمالها ومبدعيها وحياتها التى جسّدتها فى السينما والمسرح وآلاف الكتب والمجلات ، هى الصورة الحقيقية الغالبة على ارضها ام كانت هذه الصورة مجرد واجهة براقة لدولة يخيّم على شوارعها الخلفية الظلام ؟

                   حجة القمع الممتدة منذ منتصف القرن الماضى التى يرى فيها البعض المنتج الرئيس لهذا التراجع الذى اصاب مشروعها الحداثى ، يدحضها الآن صعود الاخوان المسلمين الذين سجلوا حضورا دائما فى سجون مصر على امتداد تلك الفترة ، و كافحوا كفاحا حقيقيا من اجل مشروعهم ، بينما المشروع الحداثى ترك قائما تحت ظل قوة السلطة وبطشها ، وحينما فسدت السلطة وآلت الى السقوط لم يجد قوة جاهزة فى المجتمع المدنى المصرى تسنده ، والى ان يحظى بذلك السند ، تبدو حالة التراجع هى المرجحة فى ظل النظام الديمقراطى القائم ، ولن تفلح وعود الاخوان المسلمين بالحفاظ على حرية وسلامة الفضاء العام لمصر ولو حرصوا على ذلك ، خاصة فى ظل بروز منافس لهم كحذب النور يجيد دغدغة وجدان المجتمعات التى تعانى من الأميّة والفقر واستلابها دينيا بشكل يتصادم ليس مع الواقع المصرى الحالى فحسب وانما مع اى مشروع اسلامى مختلف   ، اضافة لمصادره المالية  الملحوظة وغير الملحوظة التى تتيح له فى ظل ظروف مصر الحالية حرية حركة اوسع من غيره من القوى السياسية .

                   من الواضح ان التيارات الاسلامية فى صعود مستمر ، وستطغى صورتهم على مصر بحيث لن يبقى من وجهها الراسخ فى الوجدان سوى جيشها الذى تتناوشه الآن بعض قوى الثورة المصرية التى يرجى ان تدرك ، انه آخر ما تبقى من اعمدة الدولة القادرة على حماية فضاء مصر من اى تغوّل .

                  

هناك 4 تعليقات:

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...