السبت، 24 ديسمبر 2011

عيون كونداليزا رايس


                 هل كانت نبوءة ام كانت قراءة دقيقة متأنية لواقعنا العربى ؟ اهي مؤامرة تمت حبكتها ببراعة متناهية وحان اخراج فصولها الدامية مع الربيع العربى ام كانت تحذيرا صادقا مثل شجرات زرقاء اليمامة ؟ الأسئلة لا تنتهى حول ما يجرى فى الشارع العربى الآن ، وحول ما سيجرى فى مقبل ايامه ، حين تأخذها مصحوبة بخيارات كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة التى خيّرت المنطقة ، بين مشروع الشرق الاوسط الكبير او الفوضى الخلاقة ، ولأننا الآن نعيش فى زمن تمسك الفوضى فيه بتلابيب اهم شوارع المنطقة ، وتلوح اياديها فى الآفاق لتمسك بأخرى يظنها اصحابها والكثيرون عصيّة على الفوضى ، فأن السؤال الأهم والأكثر الحاحا هو اننا ادركنا الآن من اين تخرج الفوضى  لتأكل اكتافنا وادركنا مكامنها المتعددة وعجز حيلتنا تجاهها ، فمن اين نمسك بخيوطها الخلاّقة لنختصر طريق الدماء والدمار الذى نخوض فيه الآن ؟

                  مشروع الشرق الاوسط الكبير ليس خيطا وانما خريطة بعيون خارجية تبين مواقع التصادم مع مصالحها القائمة بالمنطقة ، او مواقع التلاقى مع تلك المصالح ، والحصافة تقتضى ألا يكون رفضه او قبوله مشروعا لمواجهة الازمة القائمة بالمنطقة ، فالأزمة بالمنطقة لها جذورها التأريخية القائمة فى صراعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية منذ زمان بعيد ، ولها تأثيراتها السالبة ليس على السلم والامن الدوليين فحسب وانما على انسانها المسحوق تحت وطأة انظمة واستراتيجيات وايديولوجيات طالما اتخذت منه وقودا لمشاريعها بطابعها الاقصائى ، الحصافة تقتضى قبل ان ننظر لهذا المشروع المطروح بديلا للفوضى التى نعيشها الآن والموعودون بها فى مقبل الايام ، ان ننظر لبنية واقعنا بكل تعقيداتها وتناقضاتها ونبحث عن مدى قدرتنا على التعايش معها فى ظل الاطر السياسية القائمة دون ان يكلفنا هذا التعايش اشكال القمع والحروب والمجازر التى صارت سمة فى تأريخنا على مر العصور ، ثم ننظر بعد ذلك ما يمكن ان يتيحه لنا هذا المشروع من امكانيات لجعل الحياة داخل هذه الاطر مستقرة و آمنة وكريمة  .

                    عيون المصالح هى التى رأت بها كونداليزا رايس اعاصير الفوضى التى خرجت فى معظمها من ثنيات المنطقة واطبقت عليها ، والمصالح لا تتغير بتغير من قال بها بل هى تمضى قدما يوما بعد يوم خصما على ارصدة كثيرة فى المنطقة ، فعيون المصالح هى التى صعدت بحذب النور السلفى المصرى الى المركز الثانى فى الانتخابات وهى التى رأى بها  فرص قبوله الواسعة على الصعيد الاقليمى والدولى حينما اجرى مقابلته مع اذاعة الجيش الاسرائيلى واعلن قبوله بالاتفاقيات المبرمة مع اسرائيل ، ويبدو انها ماضية لتدفع المنطقة لتكون تحت قبضة ممثلى هذه الاتجاهات التى اكتشفت فى المصالح قوة اكبر من المبادىء والشعارات التى اغرقت المنطقة فى الخصومات والكراهية والاقصاء .

                    ان اكثر الكلمات تداولا فى عالم اليوم هى كلمة (مشاركة) وتبدو مفتاحا رئيسا لفهم المعايير التى تحكم طبيعة التعاطى الناجح مع المشاريع المطروحة فى عصرنا الراهن ، فلنبنى عليها موقفا جديدا يمكننا بألا نرفض المشروع كله او نقبله كله وانما نبحث لنا عن منفذ فيه يتيح لنا فرصة مشاركة تجنبنا المخاطر الناتجة من عنت الرفض ، بمعنى آخر ، ان تكون شريكا افضل من ان تكون عدوا ، بمعنى اكثر دقة ، كلما اتسعت ارضية المشاركة فى حياتك السياسية والاجتماعية والاقتصادية كلما اتسعت دائرة امانك وفوائدك ، وليس هنالك من حل سوي الديمقراطية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...