الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

الكويت : هدم المرجعيات


                فى الكويت مرجعيتان يشكلان جوهر هذه الأمارة الفريدة فى الخليج ، المرجعية الاولى هى بلا شك عائلة الصباح ، العائلة التى تحظى فى النظام العشائرى الابوى الذى يحكم الخليج ، بتقدير واحترام خاص على الصعيد العربى التوّاق للحريات السياسية وعلى صعيد العالم الحر ، وذلك لأيمانها المبكر بضرورة حق الشعب الكويتى فى صنع القرار ، وبحقه فى ابداء الرأى والتعبير والتنظيم ، وبالتالى ايمانها من دون كل العائلات المالكة فى الخليج ، بجدوى الديمقراطية نظاما امثلا للحكم ، وتمسكها به رغم الهجمات المستمرة التى ظلّت تستهدفها من الداخل الكويتى والخارج المحيط بها .

                 والمرجعية الثانية ، هى النظام الديمقراطى القائم فى الكويت ، فهو وان كان يبدو فى نظر البعض داخل وخارج الكويت ، لم يرق بعد لمستوى من الكمال يقارب النظم الديمقراطية القائمة فى العالم ، الا انه استطاع ان يجنّب الشعب الكويتى مخازى العيش فى نفق القمع الاسود الذى اقامته معظم الانظمة العربية لشعوبها ، واتاح لمجمل مكوناته حق التنظيم والتعبير والمشاركة بما فى ذلك حركات الاسلام السياسي التى تتصدر واجهة الاحداث الآن ، بينما كان رصفائها فى البلاد الاخرى ضيوفا دائمين على السجون والمنافى والمخابى .

                 والازمة القائمة الآن فى الكويت ايا كانت اسبابها ، تمضى فيما يبدو فى طريق يقود مباشرة الى هدم مرجعياتها ، فالربط المحكم بين ادارة عائلة الصباح لشئون الكويت والاخفاقات الناتجة عن هذه الادارة سواء على صعيد اجهزة الدولة او على صعيد الممارسة السياسية ،  تؤدى بأستمرار الى المس بالنظام السياسى حتى اصبح حل البرلمان الظاهرة الأكثر بروزا فى الحياة السياسية بالكويت ، واصبحت الازمة تبعا لذلك قائمة داخل اساليب ادارة العائلة الحاكمة من جهة واساليب الممارسة السياسية داخل البرلمان من جهة اخرى مما يعنى ان كلا المرجعيتين باتتا الآن فى خطر من تطاول هذه الازمة .

                 فالعائلة المالكة تبدو فى خلفية المشهد الكويتى ، اقوى الاحذاب ، ولكنه حذب تستقوى بعض اطرافه فى الصراع العائلى حول السلطة ببعض اطراف الطيف السياسى الكويتى ، اى ان اهم مرجعية فى الكويت اصبحت مطروحة فى السوق السياسى ، الامر الذى ادى الى ان يصبح البرلمان فى تعاطيه مع القضايا المطروحة فى ظل هذا الصراع العائلى ، اشبه بتعاطى الناس فى سوق شعبى يصل التنافس بينهم الى حد العراك بالايدى ، واصبح البرلمان المرجعية الثانية فى ظل هذه الممارسات وفى ظل قرارات الحل المستمر ، نظاما عاطلا عن معالجة الازمة ، او مجرد ديكور ، اى ان اعلى مرجعيتين بالكويت تقفان الآن عاطلتان  امام ازمة ازمنت ولا مناص من  ان تتحرك المرجعيتان من حالة الجمود والتكلّس التى احاطت بمنظومتيهما الى منطلق اصلاحى يسعى الى تطوير الأسس الدستورية لكلا المرجعيتين بما يخدم استقرار النظام لسياسى بالكويت ويحمى المرجعيتين من مآلات الهدم فى ظل الاوضاع العربية الماثلة .

                  المشهد السياسى القائم الآن فى الكويت ، يعكس شكلا فظا من اشكال الجحود لنعمة غبط كثير من العرب ابناء الكويت عليها طوال عقود من الزمن ، فليحمد الكويتيون الله على حظوتهم بعائلة مالكة مؤمنة بالديمقراطية وقادرة على مواكبة تطوراتها وبنظام ديمقراطى  قابل للتطور لتلبية احتياجات الكويت السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

هناك 4 تعليقات:

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...