الاثنين، 12 سبتمبر 2011

قيمة الشهادة فى الراهن المصرى


                  اهتمت الميديا العربية والعالمية اهتماما بالغا بأعتزار كل من المشير طنطاوى والفريق سامى عنان عن حضور جلسات محاكمة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك للأدلاء بشهادتيهما حول الاوامر الصادرة باطلاق النار على المتظاهرين المصريين التى اودت بحياة عدد منهم ، , وجاء اعتزارهما بسبب الحالة الامنية المحيطة بمصر والتى لا تخفى مخاطرها على احد .

                  وبالرغم من ان شهادتيهما تبدوان فى كل الظروف عاملا معززا لبسط الامن ، بأعتبار ان مثول اعلى سلطة فى البلد امام القضاة فى محاكمة طرفها الآخر السلطة العليا السابقة فى البلد ، يعنى ان القانون فى مصر هو سيّد الاحكام ، وان الناس هناك جميعا متساوون امام القانون ، وان مصر دولة مؤسسات تتمتع سلطاتها القضائية بأستقلالية تامة الى آخر ما يضفيه المشهد على صورة مصر من سمات التحضر والرقى ، وبالرغم من كل ذلك الا انه حينما تكون المؤسسة العسكرية طرفا اصيلا وضروريا فى مثل هذه المحاكمة ، فثمة اعتبارات يجب مراعاتها بعيدا عن ضرورات التمسك بالأجراءات الشكلية المعتادة فى المحاكمات .

                   اولى هذه الاعتبارات ، ان استدعاء اعلى رتبتين فى جيش دولة من دول العالم الثالث للشهادة فى محاكمة طرفها القائد الاعلى السابق لذات الجيش وفقا لأجراءات المحاكم الجنائية امر من شأنه ان يمس كبرياء وهيبة الجيش ، ويقود فى حالة تمسك قيادته بالاعتزار الى صدام بين من بيده القوة ومن بيده القانون ، وكلنا يعلم ان القوة الفعلية فى عالمنا بيد الجيش واذا تعارض امر مع تقاليده وعقيدته فلن يتوانى فى استخدامها للأطاحة به وبكل شىء يقف امامه ، محكمة كانت او نظام حكم .

                    ثانى هذه الاعتبارات ، ان استجابة قيادة الجيش المصرى لمطالب الثورة فى محاكمة قائده الاعلى السابق ورئيس الدولة ، كان من نتائجها مشاهدة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك داخل قفص الاتهام من قبل ملايين الملايين الذين تابعوهوا على الفضائيات فى وضع صحى لايليق مشهده بأخلاقيات المنطقة ولا بكرامة قائد عسكرى تغنت ببطولاته مصر زمنا طويلا بغض النظر عن الانتهاكات التى تمت فى عهده على الانسان المصرى ومقدراته ، والمشهد وحده كان كافيا لطى هذا الملف بصورته التى اتسمت بسوء الخاتمة ، علما بأن حديثا طويلا دار قبل تنازله اتجه لأخراج التنازل بما يحفظ له و للقوات المسلحة تقاليدها وقيمها العسكرية التى رصعّت صدره بعديد الاوسمة والنياشين ، فهى استجابة كان من الضرورى ان تؤخذ فى الاعتبار و تعفى الجيش من اى ضغوط جديدة تضعه فى مواجهة  مع حركة التغيير الجارية فى مصر .

                   ثالث هذه الاعتبارات ، ان الحالة الامنية فى مصر تحظى مخاطرها العديدة بأولوية الاهتمام اذ سيتحدد على ضوئها حاضر ومستقبل مصر ، ومع تقديرى الكامل لمشاعر اسر شهداء الثورة ، ومع وقوفى بشدة مع المنادين بضرورة محاكمة الضالعين فى عمليات القتل التى طالت المتظاهرين العزّل ايا كانت مواقعهم السابقة ، الا ان المحاكمة فى ظل وضع يعانى من اضطراب امنى من شأنه ان يضر كثيرا بسير اجراءات المحاكمة وبفرص تحقيق العدالة لتأثير الحالة الامنية على صعيد افادات الشهود والمستندات .

                  فهل تستحق شهادة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان كل هذا الاهتمام فى ظل الراهن المصرى المنذر بمخاطر عديدة على صعيدها الداخلى والخارجى وعلى فرص التحوّل الديمقراطى المنشود ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...