الأحد، 11 سبتمبر 2011

ذكرى 11\9 : كراهية ام حزن


                عشر سنوات مرت على العملية التى ادت الى تفجير برجى التجارة العالمية ، وخلّفت آلاف الضحايا من الامريكيين وجنسيات اخرى من العاملين فى البرجين، والذين تصادف وجودهم بالمنطقة لحظة الانفجار ، وبعض اطقم الدفاع المدنى التى خفت لموقع الحادث ، والمسافرين على متن الطائرات التى استخدمت فى العملية واطقمها ، وطوال هذه العشر سنوات ، ازدحم فضاء هذا الحادث المروّع فى كل عام يصادف ذكراه ، بأطروحات مربكة ، بعضها ظل يتناوله فى اطار نظرية المؤامرة التى احاطت الادارة الامريكية وقتها بأسئلة صعبة ولا زال يتوالد منها المزيد بحثا عن اجابات شافية ، لغموض بعض الوقائع المصاحبة للحادث والتبعات التى ترتبت عليه على صعيد الداخل الامريكى وعلى صعيد العالم وعلى وجه الخصوص بالعراق وافغانستان ، وبعضها ظل يتناوله بحرفية عالية لتجييره لصالح صراع الحضارات ، ويزج بالاسلام والمسلمين على خلفيته خطرا محدقا بالمدنية ، وبعضها لم يخرج تناوله للحادث من اغلفة ملفات التجارة العالمية التى احتواها البرجان ، وحدهم ذوى الضحايا ظلوا يعيشون مرارة الفقد والم الحزن فى ذكرى هذا اليوم .
            
                
                  وما يدعو للحزن حقا ان كثيرا من الغربيين استغلوا ذكرى هذا اليوم وملأوا المواقع على الانترنت بفيض من كراهية عمياء للمسلمين والاسلام ، ووصل الامر ببعضهم ان استدل بنصوص غريبة تم نسبتها للقرآن الكريم ليضفى على كراهيته مسحة عقلانية ويشى بان الاسلام دين يحض على القتل والتفجير والدمار وينسون فى ذات الوقت واقعة مبنى التجارة الدولية (بأكلاهوما) الذى قام بتفجيره (تيموثى ماكفى) ، الامريكى والمتشدد فى مسيحيته والذى بذلت معه السلطات ما وسعت ليبدى قليلا من الندم على فعلته وصلت الى حد مقايضته فى ذلك بالسجن المؤبد بدلا عن الاعدام ، ومع ذلك لم يخطر على بال احد المسلمين بأن المسيحية دين يحض على القتل والتفجير والدمار وينتج للعالم مسيحيين ارهابيين يهددون الحياة والمدنية فيه ، لا فى تلك الواقعة ولا فى ما تلتها وآخرها تفجيرات (اوسلو) (بالنرويج) والقتل المروع الذى صاحبها ، فمثل هذه الافعال لا يمكن ان تنتجها الاديان التى تدعو جميعها الى السلام والمحبة والتسامح .

                   يحزننا جدا كمسلمين مقتل الابرياء من ضحايا هذه العمليات ايا كانت اديانهم ومعتقداتهم ، سواء اكان الفاعل مسلما او مسيحيا ، ويحزننا اكثر ان يتغابى العقل الغربى عن قيم ديننا التى تحضنا على فعل الخير ، وتأمرنا ان ندخل فى السلم كافة ، وتذكرنا بأن هدم (الكعبة) - بيت الله الحرام - اهون عند الله من قتل النفس بغير وجه حق ، وان من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ، وحتى فى حالة من يثبت عليه جرما يوجب قتله ، يحضنا ديننا ان من عفى واصلح فأجره على الله ، فالعفو دائما مقدم لدينا ، فلماذا هذه الكراهية العمياء ؟

                   لا يملك المرء فى مثل هذه الذكرى الا ان يعزى اسر الضحايا الابرياء الذين سقطوا فى هذه العمليات ، ويعزى اسر جميع الضحايا الابرياء الذين سقطوا نتيجة لها فى العراق وافغانستان ، ويعزى اسر جميع الضحايا الابرياء الذين سقطوا نتيجة لمثل هذه العمليات فى جميع بقاع الارض ، وندعو الله ان يلهم الناس جميعا ان يجنحوا للسلم والتسامح .
                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...