السبت، 10 سبتمبر 2011

ما بعد اقتحام السفارة


                بعد قيام احمد الشحات احد شباب الثورة المصرية بأزالة العلم الاسرائيلى من مبنى السفارة ورفع العلم المصرى فى مكانه ، يجىء اقتحام السفارة الاسرائيلية يوم امس رسالة ثانية تعبّر بجرأة وحدة عن موقفها من العلاقات بين البلدين ، وهذا التسلسل فى الاحداث تجاه وجود السفارة الاسرائيلية بمصر ينبىء برسائل قادمة تبدو اشدّ حدة وعنفا ، فالعلاقات المصرية الاسرائليىة على المحك الآن .

                 وبلا شك ان الحادثين يعبران وبشكل منظم عن احد مطالب الثورة المصرية التى لازالت تكافح لبلوغ غاياتها ، وهو قطع العلاقات مع اسرائيل ، ويبدو ان هذا المطلب  مع نجاح الواقفين خلفه على اختراق الحواجز الامنية حول السفارة ، والوصول الى اعلى المبنى فى المرة الاولى ، وقلب المبنى فى المرة الثانية ، تدفعه قوة راغبة فى الصعود به الى الحد الذى من شأنه ان يعيد شبح الحرب ليخيّم فى سماء المنطقة الملبدة اصلا بظلاله على جبهاته المألوفة ، فضلا عن ا لزخم الذى اضافه الموقف التركى المتوتر مع اسرائيل حول حادثة السفينة (مرمرة) المرتبطة توتراته عضويا بحالة قطاع غزة الواقع تحت توترات تبعات الحصار التى طالت الحدود المصرية ،  اى ان هناك وضع اقليمى فى ظل الربيع العربى يبدو مواتيا لخدمة هذا المطلب ومد القوة الواقفة خلفه ماديا ، اما الجانب المعنوى فقد ظلت تتكفل به جدران غرف المصريين المحتشدة بصور الشهداء والعلاقات التجارية المختلة التى اقامها النظام السابق مع اسرائيل ومن قبل ومن بعد ، استمرار القضية الفلسطينية على اسوأ من حالها الذى سبق حربى 1967 و1973 .

                   من هنا يبدو هذا الحادث سببا كافيا لمصر بكل مكوناتها الرسمية والسياسية والشعبية ان تفتح ملف العلاقات مع اسرائيل على مصراعيه ، وتتناول تفاصيله بكل شفافية ، مصحوبة فى ذلك بمصالحها ومصالح القضية الفلسطينية ومصالح قضايا المنطقة ، فالعلاقات بين البلدين رغم استمرارها لأكثر من ثلاثين عاما الا انها على الصعيد السياسى و الاجتماعى لم تستطع ان تبنى قدرا ولو ضئيلا من التطبيع فى الشارع المصرى الذى عبىء بجدارة فى مواجهته ، و عززت سياسات اسرائيل العدوانية داخل الاراضى المحتلة وعلى الصعيد العربى والاسلامى من تصاعد هذه التعبئة لتبلغ اقصى مداها بأقتحام سفارتها بالقاهرة يوم امس .

                    ولكن قبل ذلك لابد من معالجة تداعيات هذا الاقتحام الذى هزّ صورة الدولة المصرية وافقد الثقة فى قدرة اجهزتها الامنية على حماية ارض السفارات وهو امر من المحتمل ان تفضى اقل تبعاته الى زريعة دخول قوات اجنبية للأضطلاع بذلك ، فضلا عن انعكاسات ضعف الحالة الامنية على الصعيد الاقتصادى خاصة مجال السياحة احد موارد مصر المقدرة ، اما اسوأ تداعياته فتكمن فى الوثائق التى تحصل عليها المقتحمون وعرضت بعضها القنوات الفضائية ، والتى من المحتمل ان تطال رموزا على مستويات مختلفة فى الدولة المصرية وداخل القوى السياسية وداخل المجتمع المصرى الذى لن تشفع لديه العلاقات القائمة بين البلدين مبررا لقيام علاقات بين مصريين و اسرائيل حتى لو كان طابعها اقتصاديا مرتبطا بالاتفاقيات الرسمية المعقودة بين البلدين ، فهذا الجانب يستدعى تحركا عاجلا حتى لا يكون ثغرة تنفذ عبرها اجندة تستطيع ان تنتج عددا من الوثائق الزائفة ، من شأنها ان تغرق مصر فى فوضى لا يتمناها احد لها ، فكل ما يحتاجه الامر هنا ، شيئا من الشجاعة والشفافية من الاجهزة المعنية ومن الذين ارتبطوا بمصالح خاصة مع اسرائيل ابان فترة النظام السابق وتحمل المسئولية الاخلاقية لهذه العلاقات .

                      مصر الآن فى منعطف خطر للغاية ، لا يجدى معه اى نوع من المناورات السياسية او الالتفافات على القضايا العاجلة والملحة ، امن مصر واستقرارها هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق امانى وتطلعات شعبها ، فلتوضع كل الاوراق على الطاولة وليتعاون اهل مصر جميعهم على حلحلتها مهما كان الثمن المقابل لذلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...