الخميس، 27 مارس 2014

خيال وطنى


                       خريطة المستثمرين فى السودان خاصة اولئك الذين يمتلكون وسائل تقنية عالية قادرة على كشف كنوز هذا الوطن المخبأة فى باطنه وتلك المجهولة على ظهر الارض ، هذه الخريطة لا تستطيع معرفة اهدافها الخفية من حركة استثمارها بالبلاد الا بمجاراتها بخيال وطنى جامح .

                        فمثلا ان تتقدم شركة متخصصة فى تعبيد الطرق والجسور ، وتعرض عليك مشروع طريق يربط بين مدينتين ويتخذ مسارا يستوجب شق احد الجبال او نسفها ، ولأن هذا الجبل الكائن منذ زمان بعيد فى موضعه هذا لا يعنى لنا طيلة هذا الزمان سوى انه جبل وحسب ، فعلينا اذا عجزت قدراتنا فى التخطيط الاقتصادى عن تحليل عرض الشركة الذى يبدو مع تكلفة مثل هذا الطريق اقرب الى الهدية ، وعجزنا للوصول الى هدفها الخفى الكامن وراء هذا العرض ، وحالت معرفتنا الجيلوجية التى تعوزها التقنية الحديثة عن تحليل مواد هذا الجبل ، وان حاجتنا للطريق حاجة ماسة وملحة ، فعلينا ان نطلق لخيالنا العنان ونتعامل مع عرض الشركة بذات الاسلوب الذى تعامل به مواطن امدرمان البسيط مع صائد الثعابين .

                         والقصة بأختصار ان محتالا بارعا فى تربية الثعابين كان يجوب احياء امدرمان القديمة التى تكثر فى بيوتها الثعابين ، مناديا بقدرته على اصطيادها بمبالغ زهيدة ، وكل اشتراطه ان يترك لوحده فى الجزء المشتبه وجود الثعابين فيه ، وعندها يخرج احد ثعابينه من جرابه ويعرضه على صاحب البيت ويطالبه بالاجر ثم يعيد الثعبان الى جرابه ثانية دون اعتراض فلا حاجة لأحد بهذا الزاحف السام ، الا ان احد المواطنين اصرّ على ان يأخذ الثعبان بأعتباره من ضمن املاكه ، ولم يستطع المحتال استعادة ثعبانه الا بعد ان دفع له اضعاف اضعاف ما تقاضاه .

                           فشركة تأتى من اقاصى الدنيا لتطرح مشروع طريق وهدفها الخفى اصطياد جبل ، علينا ان نتعامل معها بذات الاسلوب ونقول لها ، شكرا على الطريق اخذت حقك كاملا ، الجبل جبلنا ونحن اسياده وكل انقاضه لنا ، هذا هو القرار الوطنى اللّهم الا اذا كانت هنالك صفقة خفيّة عقدها غيلان الاستثمار من وراء جهلنا .

                           تمنيت لو قامت فرق الجبايات المنصوبة على الطرق السريعة بأيقاف احدى الشاحنات الكبيرة التى تنقل تلك الحجارة الغامضة وتتسآءل عن اوراقها ، او تقوم مواصفات الموانىء بأجراءات فحصها وفقا للمعايير الدولية لنعرف قدر الثروة التى هربت من بلادنا بأسم مشاريع استثمارية زائفة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...