الأحد، 24 أبريل 2011

لايسمعون حسيسها


                       انتحابات اللجان الشعبية الجارية الآن ، تبدو سانحة طيبة لأشاعة مناخ ديمقراطى ، وفرصة لتوطين ثقافة انتخابية تتحلى عملياتها بالنزاهة والشفافية والحرية ، وبداية جديدة لحياة حضارية يختار فيها اهل كل منطقة قياداتهم المؤهلة لخدمتهم وبتراض وقبول تام يشيع فى مجتمعاتنا المسئولية والسلام والثقة والطمأنينة فى العمل العام وفى قياداته ، ويبشر بمستقبل زاهر ينقل المواطن من حالة الخضوع لتوجه وحيد يتخذ شكل الوصاية الى افق ارحب يتيح له حرية الاختيار المتعدد .

                      وفى ظل اجواء الثورات التى تشهدها المنطقة ، تبدو هذه الانتخابات اختبارا اوليا من شأن النجاح فيها ان يحدد مستقبل الاوضاع فى بلادنا المعتملة بالكثير ، فأما امتصت كثيرا من مظاهر الغبن والحنق المتراكمة على مدى عقدين لدى قطاعات واسعة من ابناء هذا الشعب الذين اكتووا بسياسات الانقاذ واما راكمت مزيدا من الغبن والحنق الذى يؤدى الى انفجار الاوضاع على النحو الذى شهدناه فى تونس ومصر ونشاهده الآن فى ليبيا واليمن وسوريا وربما اشدّ عنفا واكثر خطرا .

                      ولأن اللجان الشعبية ذات مهام خدمية فأن المواطن لا يهمه كثيرا اتجاه المرشح الفكرى والسياسى بقدر ما يهمه قدرته على خدمته تماما مثل اى سلطة مسئولة تحترم مواطنيها وحقوقهم  يهمها ان تتشكل هذه اللجان من أعضاء قادرين على خدمة احيائهم ليرفعوا عنها كثيرا من الاعباء ايا كانت انتماءاتهم الفكرية والسياسية .

                       من هنا فأن اخراج هذه الانتخابات وفقا لمعايير النزاهة والشفافية ، يبدو حاجة ماسة للسلطة القائمة و للمواطن ، ولكن ومن خلال معايشتى لأحدى هذه الانتخابات فقد لاحظت غيابا تاما للأرادة الجادة من قبل السلطة المخولة بادارة العملية الانتخابية ليس فى بسط ثقافة الانتخاب وحسب وانما فى بسط اجواء آمنة لتجرى العملية فى ظلها ، فعلى سبيل المثال ، لم تقم بأتخاذ الاجراء الاولى اللازم الذى يصبغ على الجمعية العمومية لأهل الحى الشرعية القانونية سواء للانتخاب او مناقشة خطاب الدورة والميزانية للجنة المنتهية , واعنى به تحديد النصاب القانونى ، الى غير ذلك من الاجراءات الضرورية وانما شرعت فورا للقفز الى عملية الانتخاب التى اعترض عليها كثير من الحضور المنتبه لخطأ هذا الاجراء ، وكان رد فعلها على هذا الاعتراض ان اسرعت بأستدعاء الشرطة التى ولحسن الحظ كان قائدها اكثر ادراكا لطبيعة هذا التجمهر فجاءت استجابته محدودة جدا مما جنّب الحضور مواجهات ليس لها اى مبرر .

                       بأختصار ان الشروع فى هذه الانتخابات وادارتها بهذا الاسلوب يبدو فى احسن احواله دعوة صريحة للفوضى ان لم يكن تعبيرا عن محاولات لفرض اجندة اقصائية مكشوفة تريد الأستئثار حتى بسلطات محلية لا تتعدى نطاق الحى ، ومثل هذه الاجندة هى التى فجّرت الثورات التى نشاهدها الآن وكانت اول من تفاجأ بها ، فالسلطة كبرت او صغرت هى علتها العظمى وهى التى اقعدتها فى تلك البلاد ان ترى رياح الثورة وستمنعها هنا ان تسمع حسيسها .

                  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...