ما يجرى فى سوريا الآن ، يجعلنى اشفق على تلك البلاد التى لم تصلها هذه العاصفة بعد ، فهذه العاصفة لها رئيس وشرطة وعناصر امنية داخل النظام القائم ، ولها متظاهرون مسالمون ومسلحون شرسون داخل صفوف الثورة ايضا ، فبشار الاسد يوجه بأطلاق سراح المعتقلين ويأمر بعدم اطلاق النار على المتظاهرين ، لنشهد فى اليوم التالى تطبيقا حرفيا مضادا لما قال ، ونكتشف ايضا ، ان للعاصفة سلطة اقوى واكثر شراسة وقسوة من النظام الذى خرج الابرياء المسالمون التواقون للحرية والعدل للتظاهر ضده ، فالعاصفة التى ضربت حتى الآن اكثر من بلد وتمضى فى طريقها لتضرب المزيد ، تجيد وتتقن حصار الانظمة والشعوب على حد سواء ومن داخلها .فمتى ضربت ارضا تتكشف فى سمائها هشاشة هذه الانظمة التى طالما تباهت بقدرة أيدولوجيتها الحاكمة وبقدرة مؤسساتها على تأمين الحياة فى بلادها ، فمع اول هبة، سرعان ما نرى ان هذه الحياة قد اصبحت فى كف عفريت لا يجيد سوى التغذية على دماء الشعوب ، عفريت يمسك فى كفه حياة الشعب وحاكمه ومعارضيه ومسلحيه ، ويعتصر دماءهم قطرة قطرة حتى يؤمنوا على مختلف اطيافهم واعراقهم واديانهم ان لدمهم مصير مشترك فى الارض التى يتشاركون فيها الحياة ، فاولى بهم ان يمضوا بهذه الشراكة الى مواطن الرضا والقبول قبل فوات الآوان وقبل ان تتفرق بهم الارض نفسها .
ما يحزن حقا ان تمتلك الامة العربية ثقافة زاخرة بقيم الحريات والعدل والتسامح والاخاء ولا تجد طريقها الى يد الملوك والامراء والحكام ، فتاريخها لا يزال يبكى على عهد العمرين ،كأنه فى مسيره الطويل لم يكن سوى صدى كريها لحرب داحس والغبراء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق