الأربعاء، 16 مارس 2011

البحرين بين ملفين


                    مأزق كبير تواجهه انتفاضة البحرينيين ، فمن جهة تحاصرها تداعيات الصراع الدائر حول الملف النووى الايرانى ومخاطره المحيطة بدول الخليج ومن جهة ثانية تحاصرها تداعيات الصراع المذهبى الذى علا مع صعود الشيعة فى العراق الى السلطة ليرفد الثورة الايرانية بجناح عربى له امتداداته فى معظم الدول العربية و تحظى البحرين بنصيب وافر من هذا الامتداد تليها المملكة السعودية التى تشكل المنطقة الشرقية منها احد مواطنه المهددة لمنظومتها المذهبية والامنية .

                    من هنا كانت الحشود التى احتواها دوار اللؤلؤة فى النظر الخليجى وبعض الاطراف الدولية احد المشاهد المجسّدة  لتداعيات هذين الملفين ، فايقظت فى مجلس التعاون الخليجى كل المخاوف التى نشأت مع انتصار الثورة الشيعية فى ايران اضافة للمخاوف الراهنة والناتجة من رياح الثورات التى هبت على معظم شعوب المنطقة و اعلت من سقوف المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية  ، فكان من الطبيعى ان تدفعه هذه المخاوف الى تحريك اذرعه العسكرية والدفع بها الى البحرين فى تظاهرة لم يسبق ان شهدها العالم العربى حتى فى اكثر منعطفاته خطرا ابان حروبه مع اسرائيل ، لتحيط الانتفاضة بمأزق شديد التعقيد والخطر ومن شأنه ان يصبح مقدمة لحرب اقليمية مدمرة .

                     ولكن هذا المأزق الذى يحيط بأنتفاضة البحرينيين والذى فات على قياداتهم ان يولوهوا الاعتبار اللازم ، لن ينفى  وجود ازمة حقيقية قادت الاوضاع فى البحرين الى ما آلت اليه الآن ، وهى ازمة تشكل فى مجملها مأزقا محيطا بمركز الحكم ايضا ، لن تستطيع الآلة العسكرية مهما عظمت ان تخرج البحرين من مخاطره ، فثمة حاجة هنا الى وقفة عاقلة من طرفى النزاع تجرد هذه الازمة من كافة
علاقاتها الاقليمية وتحصرها فى شأن بحرينى محض ، وتجردها ثانية من محركاتها المذهبية والطائفية بالتعاون معا على ان يكون فضاء البحرين العام فضاءا حرا من اى قبضة مذهبية وعرقية ، فخطاب الطرفين فى هذه الازمة يحتشد بأكثر مفردات المذهب والعرق حدة واقصاءا تجاه الآخر ، فالدولة المدنية حتى فى ظل النظام الملكى تبدو الاكثر امانا وعدالة فى بلاد التعدد .

                       المنطقة برمتها تبدو فى مواجهة عاصفة ما زالت فى بداياتها ، ولن يصدها عن فضائنا سوى احترامنا للآخر الوطنى ولحقوقه سواء اكان هذا الآخر دينى او عرقى او مذهبى ، فأولى المخاوف التى صاحبت خلق الانسان وقالت بها الملائكة ، الخوف من ان ننزلق الى الفساد وسفك الدماء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...