الخميس، 24 مارس 2011

المشهد العربى


                   الشعب الليبى محاصر بين نيران ثلاثة ، نيران الثوار المسلحين على اختلاف اطيافهم ونيران كتائب القذافى ونيران قوات التحالف ، واصبح من الصعوبة التعرف على مكان اختباء هذا الشعب الاعزل والعثور على الشباب الذى فجّر انتفاضته السلمية وكيف يمكن ان يتم الفرز بينهم وبين حاملى السلاح ؟ وما يدعو للغرابة ان جميع هؤلاء المقاتلين يدعون انهم يقاتلون من اجل الشعب الليبى المحاصر بين نيرانهم ، ولكن لا احد منهم اقترح طريقا آمنا ليمر به هذا الشعب المسكين الى مكان آمن ، واصبح تبعا لذلك درعا بشريا لجميع الاطراف المتقاتلة وزريعة لبلوغ غاياتها التى يتربع على عرشها النفط ، لا شك ان نيرون قد ادهشه وهو يشاهد من نافذة جحيمه الابدى تطور جنون الحريق عند انسان الالفية الثالثة وسعى بعض الحكام الحثيث للتماهى مع تاريخه الكريه .


                   بعض الحكومات العربية  والمنظمات العربية والمعارضات العربية  التى تستقوى بالخارج لحسم نزاعاتها الداخلية ، تدعونا للشك فى سلامة عقلها ، ولكن استجابة هذا الخارج فى كثير من الحالات ، تجعلنا نشك فى سلامة عقلنا ، فالمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات والقوانين الدولية التى صادفت رضا وقبول معظم الشعوب بأعتبارها افضل آلية لجعل العالم مكانا آمنا وعادلا ، تصبح حبرا على ورق فى لعبة الاستقواء هذه ، ليعود العالم بنا الى لعبة توحشه الاول ، لا حق الا مع القوة .

                   الامن الداخلى فى معظم الدول العربية يبذل مافى طاقته وفوق طاقته لملاحقة اصحاب الرأى المسالمين فى كافة حقول انشطتهم التى لم تتعد اسلحتهم فيها عن كلمة او اغنية او لوحة او حتى نكتة ، ويحشد لهم كل الوسائل المتاحة والمصادر المتاحة ، وينجح فى الحصول على تفاصيل ادق التفاصيل فى انشطتهم العامة والخاصة ، ولكنه يكتشف متأخرا حينما تنفجر الاوضاع فى بلده ان كل جهوده التى بذلها فى تغطية انشطة اصحاب الرأى لم تكن تلك الانشطة تمثل خطرا على الأمن العام مثلما مثلته  حالة الخوف التى زرعها وسط شعبه بفعل هذه الملاحقات والتى حوّلت مجتمعاتهم الى حاضنات آمنة لمليشيات مسلحة لا يقف عداؤهاعند حدود نظام الحكم القائم فحسب بل يتعداه الى مكونات الشعب نفسه كما شاهدنا ذلك فى تونس ومصر ولن نعدم مشاهدته فى معظم ان لم يكن كل البلاد العربية المرشحة لذات السناريو ، فلماذا نغفل دائما مخزوننا من الحكمة ؟ ( رحم الله امرءا اهدى الىّ عيوبى ) .

                  كثير من انظمتنا اغرتها مظاهر الهدوء والسلام فى بلادها لتستمر فى تصريف شئون البلاد والعباد على ذات السياسة التى ظلت تتبعها دون ان تكلف نفسها بالبحث عن مصادر الشرر الكامنة  بين رماد وسجم هذه السياسة ، كى لا تتفاجأ ذات يوم بقيامة لا تدرى مصدرها، والقيامات التى تشهدها عدد من البلاد العربية الآن اضافة لمسبباتها التى لم تعد تخفى حتى على اطفالنا فأن اقوى اسبابها غفلة حكومات تلك البلدان التى حسبت ان الدول تترك سدى ، فالأختراقات طالت معظم مؤسسات الدول و وصلت حدا فى مراقى السلطة يعف اللسان عن ذكرها ، وطالت اجهزة مخابراتية  تراءت لنا يوما اسطورة لن يجود التاريخ بمثلها فاذا بقائدها يطل علينا اشبه ببيدق تحركه اياد لم ندرك كنهها بعد .

                 باب الأمل ما زال فاتحا على مصراعيه لتدارك مخاطر هذا الطوفان ، وتدارك مخاطره لا يحتاج سوى الوصول الى حقيقة ازلية تقول ( العدل اساس الحكم ) فأرفعوا المظالم وردوا الحقوق واجبروا الضرر .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...