الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

لعبة مكشوفة

                   
               
                            صعّدت اسرائيل وكعادتها دائما قضيتين جديدتين هما الاعتراف بيهودية الدولة والمستوطنات وزجت بهما فى مجرى المفاوضات الدائرة بينها والسلطة الفلسطينية متجاوزة بذلك كل بنود التفاوض المطروحة لحل القضية الفلسطينية وقضايا السلام بالمنطقة فى محاولة مكشوفة لقطع طريق المفاوضات واعادة القضية الى مربعها الاول ، وهو امر يعكس فى احد وجوهه تفوق المفاوض الفلسطينى الذى استطاع بحنكته وذكائه وانتباهاته ان يفضح دهاء العقل الاسرائيلى الزائف الذى تربّع على الذهنية العربية ردحا طويلا من الزمن ، فلعبة وقف المفاوضات اصبحت لعبة مكشوفة تلجأ اليها اسرائيل كلما اخفقت فى تمرير اجندتها على المفاوض الفلسطينى وفات عليها ان المفاوض الفلسطينى  امتلك خريطة واضحة ومفصلة بكافة حقوقه ولن تمر عليه مثل هذه اللعبة، ولكن الجديد فى هذه المرة ان اسرائيل وبمنتهى السذاجة ارادت بهاتين القضيتين ان تقلب مفاهيم الصراع رأسا على عقب ، فوضعت نفسها بشرط الاعتراف بيهودية الدولة محل دولة باحثة عن اعتراف بوجودها وهو الهدف الذى ظلت تناضل من اجله فلسطين  الدولة المغتصبة اراضيها لأكثر من نصف قرن من الزمان ، يعنى ان فلسطين الدولة التى احتلت اراضيها اصبحت داخل هذا الشرط هى الدولة القابضة على مفاتيح الحل متى ما اعترفت بذلك،  ولكنها لم تكتف بهذا الشرط وانما اضافت اليه التعديلات الخاصة باجراءات منح الجنسية لتكمل بذلك مخططها الرامى لتحقيق غايتين الاولى تهجير الفلسطينيين بالداخل الاسرائيلى و الثانية غلق باب العودة للآجئين الفلسطينيين الى اراضيهم فى المدن المحتلة داخل اسرائيل لأستحالة قبولهما بهذه الشروط، ومن ثم تصبح مستوطنات الضفة الغربية بديلا لعرب اسرائيل واللاجئين يعنى " من دقنو وفتّلوا" لذا كان من الطبيعى ان تتخذ السلطة الفلسطينية موقفا حاسما بوقف تفاوضها مع اسرائيل .
                   فأذا كانت الحكومة الاسرائيلية عاجزة فى التعايش مع اقلية عربية داخل (حدودها) وتسعى جاهدة الآن الى تهجيرها بموجب هذه الشروط الجديدة فكيف تستطيع ان تتعايش مع محيطها العربى الواسع ؟ ان هذه الشروط و بكل المقاييس لا تعدو ان تكون سوى رسالة واضحة تبين نواياها العدوانية لكل ما هو عربى فضلا عن كونها اعلان صريح بعدم رغبتها فى الوصول الى حل للقضية ولقضايا السلام بالمنطقة والمؤسف هنا ان تتناغم الادارة الامريكية  مع هذا الموقف الاسرائيلى الجديد الذى شكل فى مجمله عقبة كؤود امام مساعيها وتعتبره افكارا مطروحة للحل وتطالب الفلسطينيين بطرح افكار جديدة اى ان ثمة اتفاق بين الوسيط واسرائيل على بدء مفاوضات جديدة بأجندة جديدة ناسفة لكل الاتفاقيات التى تمت منذ "اوسلو" .
                   من هنا تبدو جهود السلام الامريكية عملية لتجميد الاوضاع اكثر منها عملية للوصول الى حل دائم وعادل وعلى الفلسطينيين والعرب الاستعداد لمواجهة سيناريوهات قادمة تبدو شديدة الخطر على استقرار المنطقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...