السبت، 15 أكتوبر 2011

صراعات قادمة

      
                       مخطط اغتيال السفير السعودى بواشنطون والذى اعلنت عنه الادارة الامريكية متهمة ايران بالوقوف خلفه ، يجب ألا يأخذنا الى حالة من الجدل حول صحة تفاصيله من عدمها ، فهذه مسألة تقع تحت مسئولية الادارة الامريكية التى تعى جيدا تبعات مثل هذا الاعلان على اوضاعها الآنية والمستقبلية ، وتعى جيدا ان صدور الاعلان فى حد ذاته ، يعنى فتح ملف سيخضع لفحص دقيق من قبل مؤسساتها الامنية والقانونية والعدلية ، فضلا عن خضوعه لتحليل سياسي قاس من خصومها السياسيين بجانب ما تفيض به الميديا الامريكية والعالمية من تحقيقات لن تهدأ حملة تفتيشها حتى بعد قفل الملف ، فهذه المؤسسات وحدها كفيلة بتأكيد مصداقية الادارة الامريكية حول هذا المخطط من عدمها .

                        ما يهم حقا فى هذا الملف ، اشاراته المنذرة بالقلق والمخاوف من أنزلاق المنطقة الى صراع ليس كماتبدو صورته قاصرة على المملكة العربية السعودية وايران وحسب وانما صراع عرف على مر التاريخ بكونه المؤشر الابرز على انقسام العرب بين الشرق والغرب ، وتمتد جذوره التاريخية الى ايام المناذرة والغساسنة ، فالعالم العربى الآن يبدو اقرب من اى وقت مضى تجسيدا لحالة الانقسام هذه ، وتبدو هذه الحالة جلية فى محيط المملكة العربية السعودية وفى داخلها ، بدءا من العراق ، مرورا بالبحرين واليمن وانتهاءا بسوريا ولبنان ، والحضور السعودى الايرانى فى الحراك الدائر فى هذه الدول يبدو الابرز من بين كل الجهات الضالعة فيه ، ويبدو فى احد وجوهه مقدمة لصراعات كبرى قادمة على المنطقة المعتملة بثورات لم تستقر رياحها على اتجاه بعد .

                        ولكن من بين كل الاشارات المنذرة بالقلق والمخاوف التى احتواها هذا الملف ، ان تكون واشنطون عاصمة القوة العظمى المنفردة فى راهننا ، هى مسرح المخطط ، وبغض النظر عن صحة وقائعه من عدمها فثمة اشارة هنا تشى بعظم الاستحقاق الامنى الواقع على المملكة السعودية وعظم المواقف المنتظر منها اتخاذها ، سواء على صعيد الملف النووى الايرانى او ملفات المنطقة الملتهبة ، وبأعتبارها ضمن عضوية مجموعة العشرين - المجموعة التى ترسم وتشكل الصورة التى يبدو عليها عالمنا - فأن مواقفها حتما لن تخرج عن اطار ما ترسمه هذه المجموعة مهما تصادمت مع واقع المنطقة ، من هنا يبدو ان ثمة حصار بدأت دوائره تحيط بالمملكة السعودية ، حصار من شأنه ان يغيّر كثيرا من نهج المملكة على صعيدها الداخلى وعلى صعيدها الاقليمى .

                         اما اكثر الاشارات مدعاة للأسف والسخرية ، ان السعودية كراعية للمذهب السنى وايران كراعية للمذهب الشيعى اطلقا العنان لغلاة المتشددين فى المذهبين حتى بلغت منظوماتهم حدا من الترهل عجزت معه مؤسسات الدولة فى كل منهما عن السيطرة على تفلتاتهم ، واصبحوا مهددا رئيسا ليس لنظم الحكم بالبلدين فحسب وانما للحياة بالمنطقة ، واصبح الطراد بينهما لا تحده حدود او تردعه قيم ، فليت هذا المخطط يصبح مدعاة للعالم العربى والاسلامى لوقفة مع النفس يراجع فيها هذه الصراعات التى لن تحيق اضرارها الا به .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...