الاثنين، 24 أكتوبر 2011

ليبيا .. شمولية حاضرة


                    المستشار مصطفى عبد الجليل ، رجل القانون ووزير العدل فى آخر حكومة للقذافى ورئيس المجلس الانتقالى الذى ادار ثورة 17 فبراير ، اصاب الذين تابعوا خطابه بالذهول والاستغراب عندما اعلن ان الشريعة الاسلامية هى المصدر الاساسى للتشريع ، ومن بين كل المقاصد الكلية للشريعة الاسلامية ، لم تحظ بأهتمامه سوى قضيتين ، الاولى قضية قوانين الاحوال الشخصية ، واعلن فى هذا الصدد الغاء القانون الخاص بمنع تعدد الزوجات ، والقضية الثانية اسلمة النظام المصرفى بليبيا .

                   لا جدال فى ان القانون الخاص بمنع تعدد الزوجات يتصادم مع شرع الله حتى وان جاء ملبيا لحقيقة عجز الرجل فى تحقيق العدل بين زوجاته ولو حرص على ذلك كما جاء فى النص القرآنى ، فالأصل فى الشرع هنا الاباحة ، وايضا لا جدال فى ربوية النظام المصرفى العامل فى معظم الدول الاسلامية بفوائده المركبة التى طالما اثقلت كاهل المقترضين ، ولكن ما يدعو للذهول والاستغراب فى طرحه هذا ، انه من بين كل المقاصد والمبادىء والقيم السامية التى جاءت بها الشريعة الاسلامية لم يحظ بأهتمامه منها سوى المال والنساء ، وانه بتأريخه الطويل كرجل قانون وكرجل دولة اضطلع بمهام قضايا العدل والحقوق ، وكرئيس لمجلس ضمّ بين دفتيه معظم الوان الطيف السياسي بليبيا ، انفرد بجرأة مذهلة بأصدار هذه القرارات فى اليوم الذى تحتفل فيه ليبيا بتحررها من قبضة حكم شمولى ، دون اى اعتبار لرأى القوى التى شاركته ومن يمثلهم معارك الثورة الليبية ، ودون اى اعتبار لشرعية الاجراءات المطلوبة فى مثل هذه القرارت ، فكيف تسنى له ان يستعير فى هذا اليوم التأريخى عقلية حكم الفرد التى ادار بها الطغاة  شئون الحكم فى بلادهم ؟ لقد افسد بهجة هذا اليوم بتماهيه مع نهج رئيسه السابق ، وبوعى منه او بغير وعى فقد بذر فى فضاء ليبيا المضطرب بالرياح بذور فتنة لم يحد من مخاطرها على مستقبل ليبيا فى تقديرى سوى خطاب عبد الكريم بلحاج رئيس المجلس العسكرى بطرابلس .

                   وعبد الكريم بلحاج ، نزيل (غوانتانمو) سابقا ، والرجل الذى اشعل ظهوره مع كتائبه فى مسار الثورة كل مخاوف الغرب ومخاوف المنطقة ومخاوف اطياف الثورة الليبية ، و المتهم هو وكتائبه بأنهم صورة طبق الاصل من تنظيم (القاعدة) ، اذهل الذين تابعوا ما تيسر من خطابه الذى تعرض لأساليب صبيانية لحجبه عن الاسماع ، وامتنعت عدة فضائيات عن نقله ، اذهل متابعيه فى النذر القليل الذى بثته قناة الجزيرة ، بعقلانيته واستنارته التى تجلّ فيها جوهر وروح الاسلام ، وابان بكل شفافية التزامه ببسط الحريات ، والتزامه بحق الآخرين فى المشاركة فى صنع القرار السياسي ، والتزامه فى تحقيق مبادىء العدل والمساواة ، فى ظل نظام ديمقراطى لا اقصاء فيه لأحد .

                   تطبيق الشريعة الاسلامية لا يتم بالامانى والتذاكى واستغلال الفرص ، وانما يتم بالايمان القاطع بمبادىء وقيم واخلاق الاسلام والتى يقف على رأسها كرامة وحريات الانسان وحقوقه المكفولة بموجب نصوص قطعية بالقرآن الكريم ، وفى الاول والآخر بالشورى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...