الخميس، 20 أكتوبر 2011

من جحر الى الجحيم


               لاشك ان عصابات الجحيم منذ نيرون وانتهاء بآخر الطغاة الذين هلكوا بنيران الثورات الشعبية ، يخوضون اليوم فى نتانات جرائمهم ضد البشرية ليصطفوا استقبالا لطاغية استعار كل مخازيهم وقهر بها شعبه اكثر من اربعة عقود مسومة ، اليوم تخلّصت ليبيا من شبح ثقيل غطى سماواتها طوال اربعين سنة بالخوف والرعب والاغتيالات ، وفاض بها على جيرانه الى ان بلغ بها فضاء العالم اجمع ، فالتحية والتقدير لثوار الثورة الليبية على اختلاف اطيافهم بهذا النصر العظيم والمجد والخلود لشهدائها الابرار .

                ولاشك ان هذا النصر الكبير ما كان له ان يتحقق لولا موقف جامعة الدول العربية الذى اتسم ولأول مرة ومنذ تأسيسها بمعاضدة شعب مقهور ضد حكومته ، ورغم ان هذا الموقف لم يمض ابعد من مجرد مؤازرة المواقف الداعية للتدخل الدولى لأنقاذ الشعب الليبى من البطش الذى كان ينتظره من هذا الطاغية وطغمته ، الا ان هذا الموقف اثار جدلا مريرا حول جدوى ترسانة الجيوش العربية من الاسلحة التى انفقت فيها مليارات الدولارات وتعجز مع ذلك عن تحريكها حين تصل الى اتفاق بضرورة حماية شعب عربى من بطش حاكمه ، كأنها بذلك تترك عالمها العربى فضاءا مفتوحا للآخرين ، ينفى اى جدوى من اتفاقية للدفاع المشترك ، لقد كان من الاكرم ان تكون المعارك التى خاضها طيران وبحرية حلف الناتو ، معاركا حصرية للجيوش العربية ، والعزاء فى القلة من الدول العربية التى شاركت فى تحقيق هذا النصر .

                   ولا شك انه من الجحود بمكان ان ينكر المرء فضل المجتمع الدولى فى صنع هذا النصر ، رغم المخاوف التى تحيط دائما بحركة الجيوش الغربية داخل الاراضى العربية بحكم تجربة الاستعمار السابقة ، وبحكم التكلفة الباهظة التى تترتب دائما على مثل هذا الفعل ، ومع ذلك فأن ثمة آمال برزت فى اتون الحالة الليبية تشى بان المواثيق الدولية لازالت قادرة على التحكم اخلاقيا وقانونيا فى مساهمة المجتمع الدولى فى ازالة هؤلاء الطغاة ، وان ثمة تقارب مع الغرب بدت ملامحه تطل على فضاء الانسان العربى ، تقارب يبدو مطمئنا له بأنه لم يعد وحده فى مآسيه القائمة مع انظمة حكمه .

                  ولاشك ان ما حدث فى ليبيا عبرة لايغفلها الا الراغبون فى ذات المصير ، فالتهنئة الحارة لأخوتنا الليبيين بهذا النصر الكبير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...