الجمعة، 5 أغسطس 2011

نيفاشا خريطة لم تكتمل بعد


                  (نيفاشا) هى مشروع (الايقاد) وشركائها المحكم الذى افضى الى دولة الجنوب ، اوافضى الى الخريطة الاولى من جملة الخرائط الجديدة المستهدفة لما عرف سابقا بجمهورية السودان ، وقد نجح مصمموها فى تسويق بنودها لمعظم ان لم يكن كل الوان الطيف السياسي فى الشمال الذين جذبتهم اليها قضايا الحريات والتحول الديمقراطى ، ونجحوا فى تسويقها بكثافة فى اوساط الحركات القومية التى فتح شهيتها اليها بند تقرير المصير الوارد فى مبادىء الايقاد والذى اطلق العنان لحنين الكثيرين منهم الى ماضيهم السابق للغزو التركى الى السودان ، واصبحت تبعا لذلك اتفاقية السلام الشامل .

                   ولكن هذه الاتفاقية وبمعطيات الواقع الذى انتجته ، جاءت متناغمة مع مشروع الاسلاميين السودانيين الذى عرف (بمثلث حمدى) بل بدت فرصة ذهبية لأنزال هذا المشروع على ارض الواقع ، وفى اعتقادى ، لولا انتباهة قيادات قبيلة المسيرية للفخ الذى نصب داخل برتوكول (ابيى) وكاد ان يقضى على وجودهم الجغرافى هناك ولولا وقفتهم القوية التى حالت دون تطبيقه على ارض الواقع لقادت المشورة الشعبية بجنوب كردفان الى خريطة جديدة متزامنة مع ميلاد دولة الجنوب ، لتتبعها بعد ذلك سلسلة من الخرائط التى ستنتهى عند حدود (مثلث حمدى) .

                   وما يدعو للأسف ، ان القتال الدائر الآن فى جنوب كردفان وفى شبحه الذى يحوم فى سماء جنوب النيل الازرق ، يبدو فى احد وجوهه استجابة تلقائية ليس لتطبيق أهداف اتفاقية (نيفاشا) وحسب وانما لمتطلبات مشروع (مثلث حمدى) ايضا ، اذ اصبح هذا المشروع كما يتراءى لى ، قلب اتفاقية (نيفاشا) النابض الذى ابقى على حياتها وسيظل يضخ فيها وعلى الارض الدماء ليستوى خريطة خالصة للشمال السودانى حتى ولو تراجعت قوى الاسلاميين عن مصادر القرار ، اذ ان ما بذره الصراع الدامى الطويل فى نفوس الجهات القومية على نطاق الوطن ، انتج من الكراهية والحقد ما يكفى كى يصبح وقودا لهذه الجهات يدفعها للسعى حثيثا لتكون خارج اطار هذا المثلث .

                     وما يدعو للأسف اكثر ، ان مشروع (مثلث حمدى) يبدو فى احد وجوهه استباقا لمشروع تتبناه منذ امد بعيد دوائر غربية نافذة  ، نجحت اخيرا فى تأسيس اولى بنياته داخل السودان والمتمثلة فى قوات حفظ السلام المتزايدة حينا بعد حين والتى غيّر مجلس الامن الدولى قبل ايام طبيعة مهامها لتكون تحت البند السابع ، فى اشارة لا تخفى على احد عن سيناريو قادم لا ندرى اين ستقف حدود نهاياته .

                     فى تقديرى ان الازمة فى السودان قد انتقلت الى مرحلة خطرة تتطلب من الجميع ان يدركوا ان السلاح لم يعد يجدى بديلا لمعالجتها ، فهناك سلاح اقوى مما فى يد الجميع ينتظر ان تبدأ معارك الداخل ليبدا معاركه التى سيفصّلها وفقا لمصالحه والتى حتما ستكون خصما على طرف هنا وطرف هناك ، فالأولى ان يتجه الجميع الى اتفاق عقلانى واقعى يلبى تطلعات ابناء هذا الوطن فى العيش بسلام ايا كان شكل الخريطة التى ستحتويهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...