محمود درويش |
رحل الشاعر ام رحلت لغتنا عن وطن القصيدة
يا لغة تدفق نهرها الجامح فى مصبات العدم
ظمئت مفردات العشق فيك لأغنية جديدة
والكلمات للأناشيد المجيدة
والحروف لنبض ونغم
يا لغة ترجل فارس نظمها وعكاظ قد خلت مقاعدها عقودا
من يعتلى الآن اعلى خيولك للقضية
ويرد الدم المسفوك ثانية للشرايين الفتية
وارواحك الزاكيات رفرفة للعلم
من يمسك الآن الأمل المعلّق فى متاهات الانتظار
ويمده قنديلا يضىء كل دار
ومنديلا يجفف دمعا ودم
،،،،،،،،
الكلمات اعلاه ولا اسمها شعرا فالمقام هنا مقام سيّد الشعراء ، الكلمات اعلاه كانت كل ما استطعت تنفسه عبر الصدمة التى اصابتنى عند سماع نبأ رحيله ، فكنت اظنه سيظل حيا الى ان يرفرف علم فلسطين فى سماء ارضها ، الارض التى لم يكف يوما عن مناغمتها بأعذب الكلمات واكثرها صلابة ، فقد كان كل العالم سواها منفى ، بل كانت عنده ( كل ارض اتمناها سريرا تتدلى مشنقة ) ، وتمر اليوم ذكرى رحيله الثالثة ، وفلسطين مازالت كما تركها ، تغالب فى عالم يزداد توحشا يوما بعد يوم ، وقضية الحرية فيه ( تتحول الى وجهة نظر قابلة للحياد ) عالم اجمل ما ظلّ صامدا فيه ، شعره ونثره الذى ( يتسع لقارات من الخيام ) وسيمتد به العمر لقرون من الزمان ، فما اسعد جيله وجيلنا واجيالنا القادمات بهذا الكنز الذى لا يفنى .
لقد رحل الى وطن الشعراء الخالدين ، حيث يصير الشعر عفّوا وشفيعا تماما مثلما صار مع (كعب بن زهير) ففيه من (كعب) ومن (زهير) الكثير ، وفيه من كل من سبقوه اجمل ما فيهم واجمل ما فاتهم فيه ، اسأل الله له الرحمة بقدر ما اعطى للغة القرآن من جمال الصور والمعانى ، وما زال امامنا وقت طويل لأكتشاف عالمه الرائع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق