فآجأت (داعش) العالم بقتلها 30 اثيوبيا مقيما بليبيا ، والمفاجأة تأتى من انهم مقيمون عابرون ، فما علاقتهم بصراعات قيام دولة الخلافة حتى يلاقوا هذا المصير المفجع ؟
البحث عن اسباب او مبررات دينية لهذا الفعل الصادم ، جهد لا طائل من ورائه ، اذ يبدو هذا القتل الجماعى ، فعل مستولد من موقف سياسى صريح ، موقف سياسى مدرك ومتابع بدقة لحركة اللاعبين الاساسيين فى ليبيا ، قدامى وجدد ، ليس على صعيد التراب الليبى فحسب ، وانما على مجمل الاقليم .
ففى اواخر شهر مارس الماضى ، اجاز البرلمان الاثيوبى اتفاقية التعاون العسكرى مع تركيا ، وهى اتفاقية لم تجد حظا من الاهتمام والتحليل فى ظل الزخم الذى احاط (بعاصفة الحزم) وان بدت الاتفاقية فى احد وجوهها جزءا من هذه العاصفة ، فمعلوم ان تركيا احد اللاعبين القدامى على ارض ليبيا ، ولها حضورها الملحوظ فى الازمة الليبية ، وتأريخ ليبيا زاخر بوقائع بارزة ابان الحكم العثمانى .
فالحراكات الاقليمية بطابعها الدبلوماسى والعسكرى ، حراكات منخرطة بعمق فى ازمات المنطقة ، واى اتفاقيات فى هذا التوقيت ، لها تداعياتها على حركة مواطنى دول الاتفاقية ، وعلى تواجدهم فى مناطق النزاع ، حتى وان كانوا خارج دائرة الصراع ، ويبدو ان اثيوبيا وهى تحتفى بهذه الاتفاقية لم يتعد وعيها بتداعيتها ابعد من دائرة صراعها الذى خاضته ولا زالت تخوضه حول سد النهضة خاصة مع مصر ، وفات عليها ان لتركيا اجندة أخرى فى ليبيا ، وللأسف فأن معظم دول المنطقة الضالعة فى ازماتها ، او تلك التى لم تحسب مدى تأثيرات اتفاقياتها ، لم تقتد بدول الغرب التى دأبت على تنبيه مواطنيها من مخاطر تواجدهم فى مناطق النزاع تفاديا لمثل هذا القتل المريع .
خالص العزاء لأسر القتلى الاثيوبيين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق