الأربعاء، 23 أبريل 2014

قانون للحماية من القانون


                       السجال القانونى حول قضية شركة الاقطان بين وزير العدل الحالى ووزير العدل والنائب العام السابق يبدو مناحة على احتضار فكرة القانون عند عامة الناس ، ويبدو من جانب آخر جرد مخز لحصيلة تشريعات ربع قرن من الزمان اهم سماتها العجز  فى مواجهة الفساد وردعه ، والعجز فى حماية المال العام ، والعجز فى حماية حقوق الناس وممتلكاتهم واموالهم ، والامثلة (على قفا من يشيل) .

                        النواحى الفنية التى يدفع بها الاستاذ عبد الباسط سبدرات ، قد تكون ثغرة قانونية كافية لنجاة من افسد من عقاب رادع ، وثغرة قانونية كافية للأفلات بحصيلة وافرة من المال المنهوب ، لكنها تجرح فى الأجراءات الشكلية التى اختتمت بها القضية برمتها وبأطرافها ايضا ، فهذه قضية مال عام ، حتى الاستاذ عبد الباسط سبدرات نفسه صاحب حق فيه ، وفى تقديرى ان هذ الحق العام يقتضى موقفا اخلاقيا مغايرا يكون مصاحبا لكل خطوة فى كافة اجراءات القضية لتخرج بيضاء من غير سوء .

                         كيف للمواطن السودانى ان يحس بالامان فى ماله ومال الدولة وهو يشاهد ختام هذا الفصل السريالى من مسرحية على هذا القدر من الفساد ؟  كيف يطمئن الى القانون والقائمين عليه حينما يكتشف فى آخر المشهد طبيعة صياغاته بمروناتها الاخلاقية العالية ؟ اى عقل داهية ذاك الذى استطاع ان يشيع فى تأريخ القضاء السودانى هذه الثقافة القانونية الجديدة التى جعلت القانون فى فكر الناس يفقد مفهومه الراسخ كميزان للحق والعدل والانصاف وينحى ليكون اداة مثلى لتطبيق المثل القائل (المال تلتو ولا كتلتو) ؟

                         بالطبع لا استطيع ان الوم الاستاذ عبد الباسط سبدرات فى مرافعاته فى قضية الاقطان ، فهذا واجبه المهنى وحق الاطراف المتهمة فى القضية ، بل اجده بموقفه المتشبث والمتمسك بما وصلت اليه الاحكام النهائية وبالشكل المتحدى الذى تناقلته الصحف صباح اليوم ، كمن يلفت انظار الناس فى هذا البلد الى ما تحتويه القوانين التى تحكم نشاطهم من ثغرات من شأنها ان تنتج ذات الخاتمة التى انتجتها فى قضية الاقطان اذا تواصل تقديم قضايا الفساد النائمة والمستترة الى القضاء .

                          وبالطبع لن استطيع ان الوم كل من اتخذ منه موقفا اخلاقيا لدوره فى هذه القضية ، فهو استحقاق مماثل لأستحقاقه منها ، ولكن كل هذه المواقف التى افرزتها قضية الاقطان لن تجدى نفعا الا بقانون خاص يحمى المال العام من القانون السائد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...