الجمعة، 7 يونيو 2013

لوزير ماليتنا والنواب

              
                      اتخذ عدد مقدر من السادة النواب موقفا متحمسا ومؤيدا ومساندا لسياسة السيد وزير المالية الرامية لرفع الدعم عن سلع استراتيجية على رأسها الجازولين ، ووصلت بهم الحماسة حد التصفيق الحاد لتوجهه هذا ومطالبته بأستعجال الاجراء ، وبرغم دهشتى لأتكاء سياسة السيد الوزير فى هذه الخطوة على التهريب كأحد اسباب رفع الدعم فبرغم دهشتى من هذه الاتكاءة الجريئة التى اساءت  بوعى او بغير وعى الى قوات عسكرية وامنية رقابية معنية بسد الثغرات التى ينفذ منها التهريب ، واساءت الى ادارات فى المركز والولايات من ضمن مهامها ضبط احتياجات البلاد من هذه السلعة وضمان وصولها الى محتاجيها ، فبرغم هذه الدهشة الا ان دهشتى كانت اكبر واعجزتنى عن تفسير موقف النواب المتحمسين لهذه السياسة الاقتصادية بكل تأثيراتها الكبيرة على حياة المواطنين ؟ لا يهم فربما لم يكن لهؤلاء المواطنين فضل بوصول اولئك النواب لمقاعد المجلس ، اما موقف السيد الوزير فليس لدى ما سأقوله سوى ان انقل لسيادته وللسادة النواب ما قاله احد منظرى النظام العالمى الجديد فى هذا الشأن واعنى به ، صمويل هنتجتون فى مؤلفه صراع الحضارات وبناء النظام الدولى ص 256 طبعة دار الامل للنشر والتوزيع الطبعة الاولى 2006 :

                         ( ويحاول الغرب الآن وسيظل يحاول دعم مكانته العظيمة والدفاع عن مصالحه بوساطة تعريف هذه المصالح بأنها مصالح " المجتمع العالمى" ولقد اصبحت تلك العبارة اسما مركبا يلطف (ويحل محل عبارة "العالم الحر") لأضفاء الشرعية العالمية على الافعال التى تعكس مصالح الولايات المتحدة والقوى الغربية الاخرى ، وعلى سبيل المثال ، يحاول الغرب الآن دمج اقتصاديات المجتمعات اللاغربية فى نظام اقتصادى واحد يهيمن هو عليه ، فبوساطة صندوق النقد الدولى ومؤسسات اقتصادية دولية اخرى ، يعمل الغرب على دعم مصالحه الاقتصادية ويفرض على الامم الاخرى السياسات الاقتصادية التى يراها مناسبة . ولكن مما لا شك فيه ان صندوق النقد الدولى لو اجرى استفتاء فى شعوب لا غربية بشأنه ، فأنه سيفوز بتأييد وزراء المال وقلة من الآخرين ولكنه سينال نسبة لا تفضله على نحو كاسح من كل الآخرين تقريبا ، الذين من شأنهم ان يتفق رأيهم مع وصف جورجى آربتوف لمسئولى صندوق النقد الدولى حين قال عنهم انهم "البلاشفة الجدد الذين يهوون مصادرة اموال الناس ، ويفرضون عليهم احكاما غير ديمقراطية وقوانين دخيلة على السلوك الاقتصادى والسياسى تخنق الحرية الاقتصادية ") .

                        ان فهمى البسيط والمتواضع جدا لوصفات صندوق النقد الدولى بماركاتها المسجلة الخاصة برفع الدعم وتخفيض ميزانيات الفصل الاول والتى اعتادت فرضها على دول العالم الثالث مقابل قروض يظل ثقلها على كاهل الاجيال القادمة اشد وطأة من ثقل الدعم الذى تضطلع به الدولة نحو السلع الاستراتيجية ومتطلبات الفصل الاول ، انها بأختصار اكبر منتج للفقر والفقراء حول العالم .

                         حسنا ، تريدون تحرير الاقتصاد وتحرير السوق ، فالحرية كل لا يتجزأ ، حرروا السياسة من كوابحها وحرروا المجتمع من قيوده ، والا فأن الاستجابة لهذه الوصفة والتباهى بجدواها تذكرنى بقول الشاعر اللبنانى حسن العبد الله ( واطلقت حريتى وذكائى ككلبين بين الشوارع والابنية ، فعادا برأس من المال يشبه رأس امرىء قروى يجوب المدينة بحثا عن الخبز والماء والكهرباء ) .

                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...