الأربعاء، 26 يونيو 2013

عنقريب الجنازة


                    يرى بعض الاقتصاديين والسياسيين ان سياسة رفع الدعم عن السلع الاستراتيجة ، سياسة ضرورية لتحرير الاقتصاد من اكبر الاثقال التى تعطّل نموه ، ولهم اطروحات منطقية فى هذا الشأن رغم انها تتصادم بقوة مع تأريخ طويل شهد عزوف وزراء المالية المتعاقبين على وزارة المالية والاقتصاد عن اللجوء لهذه السياسة بالرغم من محدودية موارد البلاد طوال تلك الحقب وتواضع عطائها ، وظلّ هذا العزوف اختبارا دقيقا لقدراتهم وكفآءتهم التى اثبتوا من خلالها قيادتهم لدفة اقتصاد البلاد بجدارة رغما عن تحديات شروط صندوق النقد والبنك الدولى ومؤسسات التمويل العالمية الاخرى ، ولا شك عندى ان تعاطى اولئك النفر من الوزراء مع الازمات الاقتصادية التى شهدتها البلاد خلال العقود الفائتة وتعاطيهم مع ضغوطات شروط مؤسسات التمويل العالمية ، قد خلّف ارثا مفيدا فى كيفية مواجهة تحديات الازمة الاقتصادية بمجمل اطرافها دون الحاجة الى تحميل المواطن عبء تبعات حلولها فى تلك الوصفة العجوز المنبوذة الواردة فى سياسة رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية .

                       ان خيار رفع الدعم فى تقديرى هو الخيار الذى يلجأ اليه الوزير عندما تصل قدراته وافكاره فى مواجهة الازمة الاقتصادية الى نقطة الجمود ولم يبق له من مخرج سوى التعويل على تلك الوصفة العجوز المنبوذة ، وان وصول الوزير الى هذه النقطة يعنى بجلاء تام انتفاء الحاجة اليه كوزير يتطلع اليه مواطنوه كى يدير اقتصادهم وفقا لبرنامج يجعل حياتهم فى حدها الادنى حياة كريمة .

                       رهن اقتصاد البلاد لوصفات اجنبية كل الذى يهمها ان تدور عجلة الاقتصاد السودانى فى مضمار الاقتصاد العالمى حتى لو دهست هذه العجلة فى طريقها غالبية الشعب وتركته اشلاءا على الطرقات ، يعنى قصورا مريعا فى العقل الاقتصادى الذى يخطط لنقلة اقتصادية كبيرة كهذه ويهمل اهم عناصرها وهو الانسان السودانى ، اذ تبدو هذه النقلة فى هذا التوقيت هجمة شرسة عليه تأتى وهو فى اضعف حالاته التى تطوقها الازمات من كل جانب .

                          (الله يرفع عنقريبك) هذا الدعاء الغريب الشاذ ظل يتحمله رجل الخط فى مباريات كرة القدم بصبر جميل كلما رفع الراية لوقف هجمة رآها مسروقة ، وابتداءا من اول يوليو - موعد تطبيق هذه السياسة حسبما نشر- ترقبوا هذا الدعاء نغمة جديدة متداولة فى الاسواق والمحال التجارية والصيدليات والمواصلات ايضا ، مع امنياتى للسيد وزير المالية بحياة مديدة يقضيها معنا مواطنا عاديا يشاركنا عناء هذه السياسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...