الخميس، 13 فبراير 2014

الشعبى ثعلب سياسة


                         الحديث عن المؤتمر الشعبى هو حديث عن الدكتور حسن الترابى ، فهو رجل يعرف كيف يحرّك البرك الساكنة ، اما بفتاوى جديدة تشعل عمائم الفقه هنا وخارج هنا بنيران لا تهدأ ، واما بمواقف سياسية تثير غبارا كثيفا بحيث لا تستطيع ان ترى اين يقف الرجل بالضبط ، بالامس القريب فاجا الدكتور الترابى الساحة السياسية للمرة الثانية بقبوله الدخول فى حوار مع حذب المؤتمر الوطنى بعد خصومة وقطيعة امتدت لأكثر من عقد من الزمان ، المرة الاولى كانت عند حضوره لخطاب السيد رئيس الجمهورية والذى عد فرزا صريحا لموقفه من التحالفات التى كانت قائمة حتى ذلك التاريخ ، ففى ظل الغبار الذى اثارته هذه المواقف اين ترى يقف الدكتور الترابى او حذب المؤتمر الشعبى من القضايا المطروحة على الساحة الآن وعلى رأسها قضية التحوّل الديمقراطى ؟.

                         لا اشك ابدا فى قدرة الدكتور الترابى على قراءة الواقع السودانى قراءة دقيقة عندما يكون معارضا للنظام ، فمعظم مواقفه ان لم تكن كلها خلال معاركه مع النظام منذ المفاصلة ، حظيت بقبول واسع وسط النخب المعارضة فى الداخل ، ولم يكن غريبا ان تمكنه قراءته للواقع السودانى من ان يتخذ موقعه بكل بساطة فى التجمع الوطنى الذى تحوّل مؤخرا الى قوى الاجماع ، وهو الجسم الذى ظلّت من خلاله تحاربه به القوى السياسية المعارضة طوال عقد التسعينات بأعتباره عرّاب النظام ، فليس وحده البراغماتى فى الصراع السياسى فى السودان ، ولكنه الأكثر حنكة ودهاءا فى هذه اللعبة ، والأكثر قدرة على فهم ما تعنيه مثل هذه الدعوة للحوار عندما تأتى من نظام يعلم الدكتور تماما مكامن قوته العسكرية والامنية ، ويعلم تماما ما تعنيه هذه الدعوة على الصعيد السياسى لذات النظام .

                         فى العام 1977 حينما اطلق الرئيس الاسبق جعفر نميرى نداء المصالحة ، كأنى بالدكتور الترابى قد لمس الفراغ السياسى الذى عانى منه النظام آنذاك ، وجاءت تلبيته للنداء بروح براغماتية عالية عكس الآخرين ، سرعان ما قادته ليكون البديل البارز فى السلطة آنذاك ، ومن هناك بدأ عهد التمكين للحركة الاسلامية ، والآن وبعد خروج ابرز قيادات الجناح المنشق عنه من النظام ، وبما ان القوى السياسية المعارضة لا زال معظمها متمترسا فى خنادق شروطها القديمة ، وثمة فراغ سياسى داخل النظام يحتاج لمن يملأه ، تشكّلت فى عينيه الفرصة الذهبية للعودة ثانية الى دست الحكم ، على امل ان تنجح كراهية بعض قيادات الاحذاب لنظام الحكم فى اثناء احذابها عن المشاركة ويخلو له الجو السياسى لنكون ثانية على موعد مع حكم الجناح الاول من الاسلاميين .

                          قادة الحذب الاتحادى الديمقراطى وحذب الامة القومى مدركون تماما لهذه اللعبة ، ووجودهم فى دائرة الحوار الجارى مع المؤتمر الوطنى مع الآخرين وان بدا فى النظر العام حلفا يمينيا بالمصطلح المحبب لأهل اليسار ، الا انه وجود مهم جدا حتى لا تنزلق السلطة مرة ثانية لتجريب اسلامى لن نجنى منه فى الختام سوى مزيدا من غيلان الفساد التى تقف الآن عقبة كأداء امام علاج معظم قضايا الوطن .

                       
                         
                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...