لا يستطيع ان ينسى ، فحضورك داخله طغيان ، ولا يريد ان ينسى فقدرته اضعف من ان تتحمل الفراغ العريض الذى سيخلفه غيابك المستحيل ، النسيان فى ذهنه وهم ، وهم كبير كالمسافة الطويلة التى تفصل بينكما ، قال لى يوما ان النظرية التى تقول ان الخط المستقيم هو اقصر مسافة بين نقطتين ، انتجها عقل جاهل بقوانين العشق وبخصائص الانسان ، فالدرويش الذى تراه يتسكع مبتسما بين الحين والحين وهو ينظر الى السماء ، هو فى تلك اللحظة يكون فى اقرب نقطة الى الله ، هو فى تلك اللحظة يلّم كل هذا الكون الفسيح فى مرمى نظره ، وحين ادخل الى لحظته تلك ، اراها بكل تلك العوالم الساحرة التى تغلغلت داخلى حينما رأيتها اول مرة ، اراها رغما عن المسافة بكل بلدانها وغاباتها و سهولها وجبالها وذلك البحر الذى يقف حارسا مهيبا بين يابستنا وحيث تقيم ، ان اقرب مسافة بين عاشقين ، نظرة متجردة من لباس الدنيا ، نظرة عارية من هوى النفس ، ان اقرب مسافة بين عاشقين تلك التى بينى وبينها .
قلت له ان عالمنا ومنذ قديم الزمان ، كان فى حالة سباق محموم مع المسافة ، شق الطرق فى قلب الجبال ، وابدع فى الابحار على سطح الانهر او فى اعماق البحار والمحيطات ، وابدع فى الطيران حتى خرج من حدود كوكبنا الى كواكب اخرى ، وكل ذلك دليل على وجود هذه المسافة ، فالمسافة حقيقة ، وهى التى دفعت اولئك المبدعين لبناء تلك الوسائل لتمكنهم من الانتقال سريعا الى رؤية الكامن خلفها ، او ذلك الذى اشتاقوا لرؤيته ، ألا تشتاق ان تراها امامك بلحمها ودمها وتلك الابتسامة التى تضىء الاكوان من حولك ؟
ابتسم ثم ارسل بصره فجأة الى .. ليس امامنا سوى بنايات السوق المزدحمة بخلق ترتبط عقولهم طوال ساعات اليوم بحركة المال ، لا يهمها من اين يأتى ، المهم ان يأتى سواء من جيب عامل بسيط او من اولئك البلهاء الذين تخدعهم اعلانات التلفزيون والصحف ، نظرته كانت من العذوبة بحيث تظن من الوهلة الاولى انها نظرة طفل غرير ، فى تلك اللحظة بدا لى ان المكان قد اختفى امام تلك النظرة والزمان ايضا ، اين ذهب هذا الرجل ؟ تسآلت فى سرى ، التفت الىّ ضاحكا وقال : كنت فى حضرتها ، هل تعلم ان داخلك ملىء بخصائص احدث من خصائص الsmart phone ، ولكنك لا تستطيع تفعيلها مالم تملأ بطاريتك الفارغة هذه بالعشق ، ووضع اصبعه فى مكان القلب منى ومضى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق