الأحد، 15 يناير 2012

العفو والمقدرة


               قالت الوكالة العربية السورية للأنباء ، ان الرئيس بشار الأسد اصدر عفوا عاما عن الجرائم التى ارتكبت خلال الانتفاضة ضد حكمه والمستمرة منذ عدة شهور ، وهو فى تقديرى قرارا صائبا جاء متسقا مع توجهات الرئيس الاسد منذ تبنيه تيار الاصلاح داخل سوريا ، وجاء متسقا مع ثقافتنا وما نادى به ديننا (فمن عفا واصلح فأجره على الله)  ، والقرار جاء فى وقت مناسب من شأنه ان يجنّب سوريا والسوريين مصيرا مظلما يصعب التنبوء بمآلاته بعد ان ارتفعت الاصوات المنادية بالتدخل العسكرى لأيقاف حمام الدم المتواصل منذ اول يوم فى الانتفاضة ، وكان آخرها اقتراح امير قطر بأرسال قوات عربية.

               ولأن العفو يرتبط دائما بالمقدرة  ، فأن الأمل يبدو كبيرا فى ان يكون الرئيس الاسد قد امتلك القدرة اللازمة على تنفيذه بكامل متطلباته ، واولى هذه المتطلبات الافراج عن جميع المعتقلين والمحاكمين منذ اول يوم فى الانتفاضة والى ساعة اصدار العفو ، وجبر الاضرار التى ترتبت على الاعتقالات والمحاكمات التى تمت ، ثم العمل على تضميد الجراحات الغائرة التى احدثتها الأساليب الوحشية التى واجهت بها السلطة انتفاضة الشعب السورى ، وهو امر ممكن التحقيق ، فالسوريين اول الشعوب العربية التى علمت وعلّمت (ان للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق) .

                  ولأن الأزمة فى سوريا تختلف عن سواها من الازمات القريبة التى مرّت بها الدول العربية ، لوقوع سوريا داخل خط موازنات القوى الدولية والتى شهدنا بعض ملامحها داخل مجلس الأمن الدولى ، فأن مثل هذا القرار يحتاج دعما دوليا من الاطراف المعنية بهذه الأزمة والتى بلغت رؤياتها حول طرق الحل حدا قريبا من تصادمات ايام الحرب الباردة ، ويحتاج دعما عربيا من الاطراف المؤازرة للمعارضات السورية والأخرى المؤملة فى قدرة النظام على الاصلاح ، بتوفير الضمانات اللازمة للنظام القائم وللمعارضات بأن يكون قرار العفو هو اول خيط لفجر جديد تتسع فيه سوريا لجميع ابنائها بكامل حقوقهم وحرياتهم .

                    فبدون هذا الدعم لن يستطيع النظام بتأريخه المعلوم ان يبلغ بالعفو حدود الاجر والاصلاح ، وسنكون على موعد مع بشاعات مؤلمة الله وحده يعلم منتهاها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...