الأربعاء، 11 يناير 2012

شبيحة للأبد


                  ليس غريبا على السوريين المؤيدين للنظام ان ينزلوا للشوارع والساحات تعبيرا عن مؤآزرتهم للرئيس بشار الاسد وتجاوبا مع ما جاء بخطابه الذى القاه يوم امس ، وليس غريبا على الرئيس بشار الاسد ان ينزل اليهم ويخاطبهم ، فهذه سمة الانظمة الشمولية تجسّدت فى ساحة الامويين فى اكثر صورها هيمنة واستبدادا ، ولكن المشهد فى هذا اليوم تحديدا وفى ذاك المكان ، كان تعبيرا فاضحا لجرم المخططين النافذين داخل النظام السورى .
                   فقد كان من الغرابة بمكان ان تنعم تلك الحشود التى امتلأت بها ساحة الامويين طوال ساعات الحشد بأمان وتأمين مذهل، تمّ فى ظل ازمة دامية وقاتلة قاربت العام من عمرها ، دون ان تشهد اى اختراق من المسلحين او (القاعدة) او عناصر الجيش المنشق ، والتى طالما تحجج النظام بهم فى تبرير افراطه فى استخدام القوة تجاه المتظاهرين المسالمين العزّل ، فأذا كان النظام يمتلك هذه القدرة الفائقة فى بسط الأمن على مثل هذه الحشود ، فما الذى منعه من توفيره للمظاهرات السلمية التى خرجت منذ بدء الانتفاضة بدلا من عمليات القتل الممنهج التى حصدت آلاف السوريين من الأبرياء المسالمين ومن غيرهم من الذين استعدتهم عمليات القتل وتماهوا مع النظام فى الفعل ؟

                   وكان من الغرابة اكثر ان يتصدر مشهد ساحة الامويين ، هتاف (شبيحة للأبد) فى اعقاب خطاب عدّد فيه الرئيس بشار الأسد خطواته المنجزة فى اتجاه الأصلاح ، فما مغزى هذا الهتاف المتصادم بشدة مع التوجه الاصلاحى ؟ اخشى ان يكون المخططون داخل النظام السورى قد استهلوا بهذا الحشد تآمرا جديدا موجها تجاه الرئيس بشار من جهة وتجاه قوى الثورة السورية من جهة ثانية ، فموقف الرئيس بشار مع من يمثلهم داخل النظام السورى من الجرائم التى حدثت بسوريا ، ما زال بعيدا عن قوائم الاتهام ، وهو امر يفرز بوضوح الضالعين والوالغين فى دماء الشعب السورى ، والزج بالرئيس بشار او توريطه فى مجرى جرائمهم ولو بالتحريض او المناصرة يعنى قفل الباب نهائيا امام فرص الاصلاح او فرص الحل التى تسعى لها عدة اطراف بما فى ذلك الجامعة العربية ، وتبعا لذلك يستعدون لبدء حملة ثانية اشدّ ضراوة وبطشا على الشعب السورى ، واضعين فى اعتبارهم مساندة الزوج المسيار الذى اتخذ من (طرطوس) اجمل عروس للروس ، لتصبح صورة سوريا : اسد ودب ومياه دافئة .

                   ومن الغرابة ايضا ان تنشغل المعارضة السورية بترحيل الأزمة الى مجلس الامن رغم مواجهتها فى السابق بالفيتو الصينى والروسى ، وتصر على مسعاها هذا رغم تأكدها من خيبة نتائجه ، فهذا المسعى يضعها فى صف واحد مع المخططين النافذين داخل النظام السورى ، فكلاهما يتكىء على خارج لتمرير او تنزيل مشاريعه على الشعب السورى ، وهما بذلك يساهمان بقوة فى انقسام الشعب السورى والارض السورية .

                   ان اسوأ ما تواجهه سوريا فى هذا المنعطف العاصف فى تأريخها ، ابتلاؤها بسياسيين امتلأت نفوسهم بالخيلاء ويمسكون بمفاصل السلطة والمعارضة، ويظنون آثمين بأن لهم القدرة على الخروج من هذه الأزمة منتصرين ، وبلغوا من تعنتهم وعنادهم وتعصبهم لآرائهم حدا يستوجب من شرفاء الشعب السورى سواء اكانوا ضمن مؤسسات الدولة او فى المجتمع بكل مكوناته اتخاذ خطوة عاجلة لأنقاذ سوريا والسوريين من هذا المنعطف الخطر فى تأريخها ، او الاستعداد لواقع جديد لن تبقى فيه جغرافية سوريا ولا سكانها على حالها الذى عرفناه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...