الأربعاء، 20 يوليو 2016

التنقلات فى الخدمة العامة


                      فى الآونة الأخيرة اكتسبت التنقلات فى الخدمة العامة - مستثنى منها الجيش- حساسية مفرطة ، داخل المؤسسات وخارجها ، وذلك للتاثير الكبير الذى يترتب عليها ، فعلى صعيد الأداء العام للمؤسسة الملاحظ ان اضطرابا يطرأ عليه طيلة الفترة التى يجرى فيها تنفيذ النقل ، وعادة ما يحتاج الى وقت حتى تستقر الكوادر المنقولة وتستلم مهامها الجديدة وتتأقلم على طبيعة الوظيفة ، اما على صعيد الكوادر المنقولة ، فأن التأثير يبدو اكبر خاصة اذا كان النقل الى خارج ولاية سكنه ، حيث يمتد التأثير الى اسرته التى ستضطر لمواجهة مشكلات تحويل ابنائها لمدارس جديدة ، يحتاج معها الابناء لخلق علاقات جديدة مع مجتمع مختلف ، واساليب ووسائل تعليم مختلفة ، وتعانى الاسرة بمجملها من مواجهة نمط حياة جديدة الى آخر ما تواجهه من مشكلات .

                       اما اكبر تاثير فذلك الذى يلحق باصحاب المصالح خاصة فى تنقلات الوظائف المرتبطة معاملاتها بالنشاط التجارى والصناعى والمالى والخدمى ، فمع اكيد حسن الظن الا ان شاغلى هذه الوظائف شئنا او ابينا ، يشكلون صمام امان وحماية وضمان لأستمرارية المصالح التى تنتجها او تديرها وظائفهم ، كالمصرفيين والجمركيين والضرائبيين وباقى السلسلة المرتبطة بخدمات الجمهور ، فالنقل هنا من الممكن جدا ان يقضى على مصالح نهائيا ، او يرتقى بمصالح ، او يخلق مصالحا جديدة .

                       ونظرا لهذه التاثيرات المهمة التى تنتجها التنقلات ، فأن الضرورة تقتضى دائما فى معظم بلدان العالم ، وضع معايير صارمة للنقل من حيث تحقيق المصلحة العامة و تشمل الكادر المنقول ، ومن حيث تحديد فترة الخدمة التى يقضيها المنقول فى موقعه الجديد ، ومن حيث توقيت زمان النقل المفترض ارتباطه بالعام الدراسى ، والتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة كوزارات التعليم والنقل والمواصلات ...الخ ، فالتنقلات فى ظل هذه المعايير،  تبدو موسم تغيير عريض معلوم ، تنتفى معه المعاناة التى تصاحب المنقولين .

                       اما التنقلات التى تتم تحقيقيا لأجندة خاصة وبعيدا عن المعايير المعلومة ، فأنها فى واقع الامر تتخذ شكلا مفزعا للعقوبة ، وشكلا مفزعا لهجمة مخططة ضد مصالح بعينها او دعما ملتويا لمصالح بعينها ، لذا فأن احد عوامل استقرار الخدمة العامة ، تقتضى ان تخضع التنقلات لمعايير صارمة سمتها الاساسية المصلحة العامة .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...