الجمعة، 12 ديسمبر 2014

رقص حبشى


                روى البخارى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت ( وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب ، فأما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم واما قال " تشتهين تنظرين ؟ " فقلت نعم . فأقامنى وراءه وخدى على خده وهو يقول " دونكم يا بنى أرفدة " حتى اذا مللت قال " حسبك ؟ " قلت نعم . قال " فأذهبى " ) اخرجه البخارى فى صحيحه كتاب العيدين ، باب الحراب والدرق يوم العيد ، رقم الحديث 907 .

                 هذه الرواية اخذت حظا كبيرا جدا لدى العديد من الباحثين فى حياة الرسول مع اهل بيته ، عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام ، وايضا فى حياة السيدة عائشة رضى الله عنها  ، واتخذ منها البعض سندا قويا فى جواز الرقص وجواز الفرجة عليه رجالا ونساءا ، مع تشديد البعض على طبيعة حركيّة الرقص ، الى آخر ما خرج به الباحثون من رؤى وافكار ، وليس هذا ما يهمنى هنا .

                   فى هذه الرواية ،  ثمة غموض فى متنها لا يسعفنا فى بناء رؤية واضحة عن طبيعة علاقات واشكال تعايش الاثنيات  بجزيرة العرب فى حياة الرسول (ص) ، اذ تأتى كلمة (عيد) فى متن الحديث مبهمة وعارية من اى تعريف يحدد هوية اصحابه ، ومصدر الغموض هنا ، ان السيدة عائشة (رض) كانت راجحة العقل والحديث ويكفى ان الرسول (ص) قال (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء) ، فلا يعقل ان يكون نصف الدين مودعا عندها ويأتى حديثها فى رواية البخارى بهذا الغموض والابهام الذى احاط بكلمة (عيد) ، هل هو عيد خاص بأولئك السودان ام هو احد عيدى المسلمين الفطر والاضحى ؟ .

                  ما يهمنى فى هذا الحديث ، ان ميدان الرقص كان مسجد رسول الله (ص) فايّا كانت هويّة العيد ، فأن وجود هذه الاثنية بمسجده وهى تؤدى رقصا طقوسيا غريبا على مجتمع الجزيرة ، استدعى لغرابته هوى السيّدة عائشة للفرجة عليه ، امر له دلالات عظيمة تدعونا الى البحث  ، سواء أكانت هذه المجموعة من السودان مسلمة او على دينها ، واعظم هذه الدلالات فى تقديرى ، هذه الرحابة وهذه السماحة التى اتسم بها فضاء المجتمع النبوى بحيث اتسع لحق الآخر الذى يساكنهم ذات الارض وربما يشاطرهم ذات الدين فى ممارسة احدى تقاليده وعاداته فى ارفع واسمى مكان يبجله العرب والمسلمون الى يومنا هذا ، وهو مسجد رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام ، فما اعظمه من دين تسع رحابته كل شىء .

                  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...