الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

مشانق من مصارين


                الثورات اصبحت ترعبنى اكثر من الحروب ، على الآقل فالحرب يمكن السيطرة عليها من قبل النخب الحاكمة التى تخوضها بعد ان تهدأ موجة الجنون والجشع التى انتجتها ، اما الثورات وان كانت حلم البشرية الأعظم فى الخلاص من الظلم والطغيان ، الا ان ثمة تأريخ مسكوت عنه ينجح دائما فى حجب اكثر وقائعها جنونا وتوحشا .

                فى الثورة الفرنسية كان شعار (اشنق آخر ملك بأمعاء آخر رجل دين) يرتقى الى درجة نشيد مقدس ، تردد صداه الشوارع المحتشدة بالغبن المتراكم جراء الظلم المتراكم ، ولا اخالنى اجانب الحقيقة ان قلت أنه لا يزال يدغدغ اوتارا عميقة فى وجدان العديد من الشعوب ، ويدعوها للخروج ، ولكن الشعار فى حد ذاته عبارة عن عنف فوضوى مظلم او بتعبير ارقى للمفكر الجزائرى الكبير محمد اركون ( لم اكن اقبل بشكل خاص ربط حركة معطاءة وجميلة كالثورة الفرنسية بالعنف الدموى والارهاب الاعمى ، هى التى انفجرت ضد الظلم والطغيان ) . من كتاب التشكيل البشرى للأسلام الطبعة الاولى 2013 -الناشر المركز الثقافى العربى -الدار البيضاء المغرب ص 30 .

                  وفى الدول التى اندلعت فيها الثورة او بدت فيها الثورة امرا حتميا ، لم يغب عن بصر الناظر اليها حضور هذا العنف الدموى والارهاب الاعمى ، ليس كخطر كبير على النظم الحاكمة وحسب ، وانما خطرا اكبرعلى تطلعات واحلام وامانى قادة وجماهير الثورة ، وعلى حياة الذين هم خارج دائرة الصراع ، وقد فاق فى فظاعاته شعار الثورة الفرنسية اعلاه بحيث شهدنا رؤوس البشر صارت كرة تركل بالاقدام .

                  فكرة الثورة تبدو لدى كثير من المكونات المنخرطة فيها او المتأهبة لها ، اقرب الى فكرة الانتقام ، او دورة جديدة من الظلم والطغيان ، فكرة الثورة فى ابسط معانيها هى بناء حياة كريمة لكل الناس وليس نصب مشانق من مصارين على الطرقات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...