الثلاثاء، 13 مايو 2014

ردة مريم


                      مريم يحى ابراهيم فتاة سودانية مسلمة ، اعتنقت الديانة المسيحية  وتزوجت من رجل مسيحى وحبلت منه ، ادانتها محكمة جنايات مدينة الحاج يوسف بالردة والزنا ، وحكمت عليها بالاستتابة او مواجهة حكم الاعدام وفقا لأحكام المادة 126 من القانون الجنائى (الردة) والمادة 146 (الزنا) .

                       اول ردود الفعل على هذه الاخكام جاءت من السفارة البريطانية التى حضر ممثلها جلسة المحاكمة وقال فى بيان تناقلته بعض المواقع على الانترنت : (كنا نتابع سير المحكمة عن كثب وذلك من وجهة نظر حقوق الانسان ، والمملكة المتحدة تقدر حقوق الانسان والحق فى حرية التفكير والمعتقدات ويتضمن ذلك الحق فى تغيير المعتقد والدين كأحد الحقوق الجوهرية التى يكفلها القانون الدولى) .

                     نصوص القانون الجنائى السودانى واضحة بحيث لم تدع مجالا للمحكمة سوى اصدار هذا الجكم ، ولا اشك لحظة فى ان هذه النصوص كانت معلومة لدى المملكة المتحدة وسفارتها بالخرطوم وممثلها الذى حضر المحاكمة ربما من قبل ان يفتح البلاغ فى مواجهة مريم يحى ابراهيم ، وربما من قبل ان ترتد وتغير دينها الى المسيحية ، ومعلومة بالضرورة لدى القائمين على امر القانون الدولى والحقوق التى كفلها ، ومع ذلك فالدولة السودانية وحكوماتها ظلّت منذ سبتمبر 1983 ولازالت تحظى بشرعية دولية وعلاقات قائمة مع كافة مؤسسات الامم المتحدة ، هذا مع تقديرى التام لموقف السفارة البريطانية وممثلها بالخرطوم ، ومع تقديرى التام واحترامى الكامل للحقوق التى كفلها القانون الدولى والتى ارى انها ليست فى حاجة الى مواقف انتقائية للتذكير بها ، فمعظم المسلمين فى مشارق الارض ومغاربها يعلمون ان جوهر دينهم هو اعلاء لكرامة الانسان وحقوقه وحرياته ولا يختلفون مع كل من نادى بذلك .

                       والمسلمون السودانيون فى غالبيتهم ، ظلوا طوال تأريخهم هم الارفع سماحة فى الدين ، ويكفى اسم مريم يحى ابراهيم دلالة على ذلك ، ولكنها السياسة تغيّر طعم الماء ولونه ورائحته حينما تتدخل ، وليس ببعيد ان تدفع هذه القضية الى مواجهات خارجية وداخلية تبدو شروط قيامها متوفرة بكثرة على الصعيدين .

                         قضيتا الردة والزنا هما قضيتا المسلمين فى هذا العصر ، والتراث الاسلامى على غزارة انتاجه لا يسعفنا بشىء فى مواجهتهما ، والنذر القليل ان وجد من نتاج العلماء والفقهاء والمفكرين الذين تصدوا لهما يبدو نتاجا صفويا ذا نطاق ضيّق للتداول ، والقلة التى دأبت على تناول هذه القضايا بجرأة ، تقف السياسة امامها مانعا قويا عند المحك ، وتبقى هذه الاحكام هى المجمع عليها ايا كانت طبيعة هذا الاجماع ولا عزاء للجمهوريين .

                         
                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...