الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

زبد يذهب جفاءا


                   لا شىء فى هذا العالم يترك سدى ، لا الاديان ولا الرسل ولا الدول ولا الحكومات و لا التنظيمات ولا الاشخاص ، فالشر القابض على كثير من مفاصل الحياة فى هذا العالم ما انفك ينفث زبده فى وجه كل جميل على مر القرون ، وعلى مر القرون ظلّ الزبد يذهب جفاءا ويمكث فى الارض ما ينفع الناس ، و ذهبت من قبل الكتابات والحكايات والرسوم التى اساءت الى رسولنا الكريم هباءا ولم يبق منها الا شبح ميّت فى ذاكرة شريرة يحاصرها جماله كلما طفحت شيئا من نتانة مخزونها .

                   والشر الذى انتج واخرج الفيلم الأخير الذى خلّف وراءه ما خلّف من ضحايا ومن خراب ولا ندرى ما سيخلفه فى مقبل الايام ، يجب ألا نأخذ نتائجه فى كل من القاهرة وبنى غازى التى طافت بها الميديا العالمية بمعزل عن صراعات المنطقة بدءا من القضية الفلسطينية مرورا بالحرب على الارهاب وانتهاءا بصعود الاسلاميين الى السلطة ، فالعنف المفرط الذى صاحب مظاهرات الاحتجاج من قبل المسلمين الذين توجهوا الى مقار البعثات الدبلوماسية الامريكية فى كل من القاهرة وبنى غازى ، جاء مدفوعا فى تقديرى بثقل القضايا المذكورة آنفا وعلى وجه الخصوص عمليات الحرب على الارهاب ولا علاقة له البتة بنوايا غالبية جموع المسلمين المسالمة التى ارادت ان تعبّر عن غضبها من هذا الفيلم امام البعثات الامريكية فى كل من البلدين ، والدليل على ذلك نجده جليّا فى كثير من التغريدات على موقع تويتر والتعليقات على الفيسبوك التى ربطت مقتل الدبلوماسى الامريكى بعمليات القتل التى طالت الابرياء و تقوم بها الطائرات الامريكية بدون طيّار فى المناطق التى تدور فيها عمليات الحرب على الارهاب ولأن ابناء مصر وليبيا داخل التنظيمات الاسلامية المتشددة هم العناصر الاكثر فاعلية فى مواجهات تلك الحرب، فمن البداهة ألا تمرر فرصة الحشود امام البعثات الدبلوماسية دون ان تقوم بتنفيذ عمل ما ، والسيرة الذاتية للسفير الامريكى التى نشرتها البى بى سى العربية والتى توضح ارتباط السفير المبكر بمنطقة المغرب العربى وموقعه العسكرى الرسمى ابان عمليات الناتو فى مواجهة نظام القذافى تؤكد ان الراحل من الطبيعى ان يكون هدفا سمينا لأكثر من جماعة مسلحة فى ليبيا سواء تلك المؤيدة للنظام السابق او تلك المرتبطة بتنظبم القاعدة ولا علاقة لمقتله بجموع المسلمين الليبيين الذين استفزتهم الاساءات التى الحقها الفيلم برسولنا الكريم .

                    اما فى القاهرة فأن الأجندة السياسية كانت الاغلب حضورا فى الحشود التى احاطت بالسفارة وكان استهدافها للعلاقة التى ربطت الاخوان المسلمين الذين صعدوا الى السلطة اخيرا بالولايات المتحدة الامريكية اقوى من تعبيرها عن الغضب من الاساءات التى طالت رسولنا الكريم فى الفيلم الذى اتاح مناخ الحريات بأمريكا لصانعيه الاشرار ان ينجزوه ليصيب بعفنه اول ما يصيب الارض التى تم انجازه عليها ، فالأسئلة التى طرحت اثناء وعقب التظاهرة ومن قيادات اسلامية بارزة فى مصر تسآلت عن غياب وخفوت صوت الاخوان المسلمين فى هذا التجمهر الذى خرج (لنصرة الرسول) .

                     ان الاضرار التى تسببها الاساءة للأديان على صعيد العلاقات بين الدول وعلى صعيد الضحايا الابرياء تستوجب من المجتمع الدولى ان يتحرك عاجلا لحسمها نهائيا ، فحرية التعبير لا تعنى ايذاء مشاعر الملايين من اتباع الاديان .

                    
                    
                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...