السبت، 29 مارس 2025

فدية رمضان

       عظمة شهر رمضان جلية فى القران الكريم الذى انزل فيه ،ودلالات العظمة فيه عديدة يهمنى منها فى هذا المقال القيمة المقررة على الذين يطيقونه واصحاب الرخص ، وما يهمنى فيها ليس المقصد وانما الالية التى تحدد بها قيمة الفدية.

        من المعلوم ان الحد الادنى من الاجور يتم تحديده وفقا للسعرات الحرارية التى يحتاجها الانسان فى الوجبة وقيمة مكوناتها فى السوق والتى درجت مصلحة الاحصاء القيام بها كل ثلاثة اشهر بخطوات عملية اى من حمل( قفة الملاح) ووالتجول بها داخل السوق للوصول الى سعر الوجبة النهائى التى تحتوى على السعرات الحرارية اللازمة للانسان كي يعمل وينتج ويعيش بصحة وعافية.

        فى القران الكريم كان تحديد الفدية ا(اطعام مسكين) ومجمع على انه من عامة ما يأكله اهل المنطقة ، ومع التغيرات التى طرأت على المجتمعات ووقف دخول بعضهم المالية على مرتبات ومعاشات لا تكفى كفاف شهرهم لكثير من العاملين تصبح مسألة تحديد الفدية فى رمضان فى حاجة ماسة لأجتهاد جديد يضع الية مرنة متحركة حسب احوال معائش الناس ، ومن ثم تحديد فعل اوقيمة لا تشكل عبئا ماليا على امثال اصحاب الدخل المحدود الذين حتى هذه اللحظة لم يستطع عدد مقدر منهم على صرف مرتباتهم ومعاشاتهم على ضمورها وعجزها فى تغطية احتياجاتهم الشهرية.

                    (طه (1)ما انزلنا عليك القران لتشقى)  ما اعظم هذا الدين الذى ينأى بالانسان عن الشقاء فى كل اوامره ونواهيه وفى كل عباداته وشعائره وامرنا ان نتدبر ونتعقل ونتفكر ونتعلم من هذا القران العظيم الذى لم ينزل لنشقى .

السبت، 1 مارس 2025

السودان بين مؤتمرين

     تبدو الرحلة بين مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية الذى انعقد فى يونيو 1995ومؤتمر نيروبى للتوقيع على الميثاق التأسيسى للتحالفات الساعية لتشكيل حكومة موازية ، تبدو هذه الرحلة والتى قاربت الثلاثة عقود بكل محمولها السياسى وما انتجه من حروب فى مختلف انحاء الوطن ومحمولها الاقتصادى المشوه لفقره الملازم ومحمولها الاجتماعى الذى تشبه ثقافاته ثقافات حروب خط الصدع ، تبدو ان اعظم انجازاتها كان فصل جنوب السودان واعادة انتاج الازمة فيما تبقى من الوطن .

             وللاسف لم تلهم هذه الرحلة الطويلة الحركة السياسية ان تستخلص منها عبرا تسعفها فى حل ازماتها المستفحلة والنى تحولت فى آخر سنواتها قبل حرب ابريل 2023 الى ازمة وجودية ، واستمر حالها حتى هذه اللحظة.

              ان التباهى بالخشد الذى صاحب التوقيع على الميثاق التأسيسى بنيروبى من مختلف قوى المجتمع السودانى الساعية لتأسيي حكومة موازية ، لم يبلغ50% من القوى التى وقعت فى اسمرا على القضايا المصيرية ومع ذلك لم يفض المؤتمر الى حل لتلك القضايا المصيرية وانما كان انجازه الوحيد فصل جنوب السودان واعادة انتاج الازمة فيما تبقى من الوطن ويبدو التوقيع على الميثاق التأسيسى بنيروبى اكثر مظاهرها جلاءا ومؤشرا لأنقسام جديد بعضه تنتظره بقايا نيفاشا ممثلا فى المنطقتين والبعض الاخر صعدت به حرب قاتلة مدمرة .

              نسأل الله ان يحفظ هذه البلاد واهلها.

الأربعاء، 10 يوليو 2024

جنيف الاولى

  

وجنيفا الاولى هى التى تجمع اليوم وفدى الجيش السودانى والدعم السريع تحت رعاية الامم المتحدة من اجل الوصول الى اتفاق حول ممرات أمنة لمرور المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

        ورغم اهمية هذا اللقاء العظمى لملايين السودانيين من النازحين واللاجئين والعالقين فى محاور القتال الا ان المؤسف ان الميديا فى السودان ومواقع التواصل الاجتماعى منشغلة بأنشطة الكنل السياسية والاحذاب ومواقفها من لقاء القاهرة الاخير الى دعوة الاتحاد الافريقى للقوى السياسية السودانية المتجهة الى فشل متعمد او نتيجة سوء الاعداد ، ومناداة بعض الكتل فى هذا الوقت العصيب الذى يمر به الوطن بنصيبها فى قسمة الثروة والسلطة .

        كل هذا الضجيج الاجوف الذى امتلأت به الميديا ووسائط التواصل الاجتماعى ادى الى حجب الرؤية عن اهم حراك رسمى للجيش السودانى وقوات الدعم السريع المتمردة عليه ، والذى يتوقف على نتائجه مصير الملايين من السودانيين فى النزوح واللجوء والعالقين فى محاور القتال.

       ترى كبف ينظر العالم الان الى هذه الكتل والاحذاب السياسية التى تتجه بكلياتها نحو بريق السلطة المعلقة الان فى افواه البنادق والمدافع والمسيرات ، والتى تلوثت ارضها وسماؤها بالدماء والدخان ، وتهددها المجاعات والاوبئة؟

        الساحة السياسية الان تشبه بنى اسرائيل عند خروجهم من الاسر لم يتورعوا وهم فى قلب التيه ان يجادلوا الله فى بقرة ، ويبدو اننا فى حاجة الى من بتقفى اثر سيدنا ونبى الله موسى عليه السلام ويتيه بكل من فيها اربعين عاما حتى يولد لنا جيل جديد يعيد لاهل هذا الوطن حقهم فى العيش الكريم والامان والاستقرار ، والى ذلك الحين ندعو الله ان تنجح مساعى الامم المتحدة فى فتح الممرات الامنة لايصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين بالمعنى الشامل للحماية اينما كانوا وان تؤمن طرق السفر لكافة الولايات لعودة من ابعدتهم الحرب ، وتدع اللاهثين نحو السلطة فى تيه مقيم حتى موعد مع جيل جديد.

        


الخميس، 2 مايو 2024

الامارة الضائعة

                       مؤتمر باريس الاخير الذى انعقد تحت رعاية فرنسا للاسهام فى رفع المعاناة الانسانية التى وصفت من قبل المهتمين باوضاع الحرب فى السودان عامة ودارفور بصفة خاصة ، بانها الأسوأ والمنذرة باوضاع موغلة فى توحشها ، هذا المؤتمر الذى بدا كأنما غبار غزوة دورتى بين سلطان المساليت وجيش فرنسا الاستعمار ى تغطيه من بدايته وحتى نهايته ، يعكس بجلاء ان اكبر الخاسرين فى هذه الحرب هم المساليت ، هؤلاء القوم اصحاب الامارة الثرية بأرضها المعطاءة زرعا وضرعا ومعادنا نفيسة واناسا منتجين ، لذا لم يدهشنى موقف السلطان بحر الدين الذى وصفه بأنه مصمم لفصل دارفور ولا يسهم حتى فى دفن الموتى على قارعة الطريق ، انه بالفعل السلطان بحر الدين نسخة الالفية الثالثة ، والمؤتمر نسخة ثانية من غزوة دورتى والتى تصدى لها ببسالة وصمود دفاعا عن ارضه وحرياتها وسيادتها ، هذا الموقف البطولى للسلطان انذاك ظل مفخرة احتضنتها الاغانى التى تهز الوجدان هزا ، ونحن الان امام موقف جديد يستدعى بقوة اعادة مشاهد الحرب فى دار اندوكا سلطنة المساليت لرؤية غزوة دورتى المختبئة بين الفظاعات والبشاعات التى ارتكبت فيها انتقاما لهزيمة قديمة ، واخلاءا لأرض تستطيع ان تسند اكبر الاقتصاديات المتعثرة والمتلهفة فى هذا الزمن للموارد .

                          سلطان المساليت كان قد خير ابان الهجمة الاستعمارية بأن يظل امارة مستقلة او الانضمام الى تشاد او الانضمام الى السودان ، فأختار الرجل طوعا الانضمام للسودان لفترة مائة عام يقرر بعده مصيره فى الخيارات التى طرحت عليه ، ويبدو ان هذا الاختيار والذى طعن فرنسا انذاك طعنة نجلاء قد ارتدت على حاكمها خميس ابكر عدة طعنات وسحلا متوحشا .

                      هذه الحرب التى تدور فى السودان الان فيها اكثر من طرفين ، وكل طرف من اطرافها لديه تأريخ من ضغائن ، وكل معركة تدور فيه ملأى باياد داخلية وخارجية متعطشة لدماء فى هذا الانجاه او ذاك ، اطراف لا يوحدها خطاب او هدف ، بعضها يسعى للتحرير كما يدعى وبعضها يسعى للتدمير كما شهدنا وبعضها يسعى للنهب والسلب و واخرون يديرون الملعب باحترافية عالية فى انتظار لحظة الانهاك الاخيرة ليقضوا على وطن هنا كان اسمه السودان.

                        

الأحد، 31 مارس 2024

امريكا فى مشروع الجزيرة

و.                       الشركة الزراعية التى انشأت مشروع الجزيرة هى شركة امريكية كان مقرها بلندن ، وظل منذ انشائه مفخرة للادارة البريطانية دون أى أثر لذكر امريكا فكلاهما روح واحدة فى جسدين ،

                   والحقيقة فالمشروع يعد مفخرة ببنياته التحتية التى ظلت صامدة مع الزمن رغم محاولات التجريف التى طالته عمدا كان ذلك ام بفعل الازمات الاقتصادية والمالية التى تحل بالبلاد بين حين واخر او اهمالا ، وهو صمود لا يماثله سوى صمود انسانها الذى تمسك بالارض بقوة كالجبال فى كل المنعطفات التى كادت ان تنزلق بالمشروع الى ايد اجنبية ، الامر الذى حافظ على المشروع شامخا يؤدى دوره العظيم فى السمو بحياة هذا الوطن وشعبه.

                   هذه المقدمة اتت ضرورتها من الغرابة التى احاطت الموقف الامريكى من هذه الحرب القاتلة المدمرة التى ارخى لها الحبل حتى تمددت الى واحد من اكبر مفاخرها فى السودان مشروع الجزيرة ، واتجهت هذه الايام الى عملية تهجير قسرى او طوعى بفعل سيطرة الدعم السريع واخذ يلاحق قرى المشروع قرية قرية ، الأمر الذى ايقظ فى وعى الناس الهواجس والمخاوف والاحاديث القديمة التى دارت فى اواخر سنوات الانقاذ حول احتمال عرض المشروع فى سوق الاستثمار ، الامر الذى فتح شهية المحيط الاقليمى والدولى للتسابق للاستحواز على هذه الجنة المنسية المهملة ، ألا ان صمود قرى المشروع بانسانها شكل عقبة كؤود امام المستثمرين ذات تكلفة متشعبة عالية ستترتب على اياولة الملكية .

                     الان يبدو هذا التهجير القسرى او الطوعى الناتج من سيطرة الدعم السريع عملية ممنهجة لأزالة اقوى العقبات الواقفة أمام طرحه للاستثمار .

                    والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: ما الذى يجرى حول هذا المشروع? او بصياغة اكثر دقة ، مالذى جرى خلف هذا المشروع ?

الثلاثاء، 2 يناير 2024

بين الوحدة والانقسام


               احدى آفات المشاريع السياسية فى السودان التى تسعى لمعالجة قضايانا الكبرى ، افتقادها الى الاخذ فى الاعتبار موقف الاخرين منها ، أو استباقها الى ما يمكن ان يشكله الاخرون من عقبات امامها بتكتيك لا يخل بجوهر المشروع وانما يترك مساحة للآخر لا تدعه ان يكون عقبة ان لم تجذبه ليكون جزءا من المشروع او بسياق آخر مساحة تتيح له البناء على ذات المشروع لتربطه عضويا به .

         العقل السياسى السودانى مطالب اليوم ان يرتفع فوق خصوماته وتنافسه المحموم حول السلطة فهذه مرحلة قد تخطتها الحرب القاتلة المدمرة بكل بشاعاتها التى افرزتها ، واصبحنا اليوم امام وطن ينسرب من بين ايدينا بفعل مشاريعنا القاصرة ومواقفنا المتماهية معها ، ولا خيارات متاحة امامنا فى تقديرى سوي ان نعيد بناء هياكله بأتساع يتيح اوسع مشاركة لأبناء وبنات هذا الوطن دون الاخلال بالحقوق التأريخية المشروعة المتجسدة فى الحق الثقافى والدينى و ملكية  الأرض ، فهل من سبيل الى ذلك ام يمضى بنا التضييق الى التقسييم بديلا ؟

           

       

          

        

  

الاثنين، 1 مايو 2023

ابرز ملامح الصراع على السلطة فى السودان

                الغزو التركى للسودان لم يسمح لهياكل الحكم فيه ان تمضي فى طريق تطورها الطبيعى ورغم ذلك ظلت تلك الهياكل على بساطتها صامدة طيلة فترة الاحتلال التى بلغت ستين سنة وحتى وصول غردون باشا فى مهمته غير المحددة بشكل قاطع والمتراوحة بين اخلاء السودان كهدف رئيس وبين ترتيب شئون ادارته (لميمونة ميرغنى حمزة تفاصيل اوفى فى مؤلفها _حصار وسقوط الخرطوم 1884-1885_ الصادر عن دار جامعة الخرطوم للطباعة والترجمة والنشر فى 1972) .

                      فى بربر واجهت غردون اسئلة صعبة اهمها لمن تؤول السلطة فى السودان عند اخلائه حتى لا يغرق في الفوضى ؟

                  استقر الرأى على ان يؤول الحكم للعائلات التى كانت اسرها فى سدة الحكم قبل الغزو التركى ، وهنا برز سؤال عن كيفية التعامل مع الامام المهدى الذى حقق انتصارات كبيرة فى كردفان غيرت من الواقع السياسى ببروزه قوة جديدة اخلت بمعادلة السلطة المرجوة ذات الشرعية التاريخية ، فرؤى ان يعين المهدى سلطانا على كردفان على ان تمضي ترتيبات نقل السلطة كما اتفق عليه للعائلات التى كانت تحكم قبل الغزو التركى على بقية ارض السودأن .

                لم تؤد المكاتبات التى دارت مع المهدى الى نتيجة ،فالامام المهدى كان هدفه السودان بأكمله ، وما جرى بعد ذلك معلوم فى تأريخ السودان  وما يهمنى هنا إن البروف ميمونة ميرغنى حمزة استطاعت برصدها الثاقب ان تمسك بأول ملمح للصراع على السلطة فى السودان فى خواتيم القرن التاسع عشر عند نهاية الغزو التركى للسودان ، وتبدو لى ان هذه الوقائع التى ابرزتها فى سفرها الرائع هذا والتى برز فيها الصراع على السلطة بكل اشكاله الدموية التى مرت فى تأريخ تلك الحقبة له امتداداته فى عصرنا الحديث فى كل المنعطفات التى سال فيها الدم السودانى فى صراع السلطة.

                  هياكل الحكم فى السلطنة الزرقاء بجانب شرعيتها التأريخية كانت من القوة والثبات بمكان لم يستطع معها لا الاتراك ولا الانجليز ان يتخطوها بل بنوا عليها هياكل حكمهم الامر الذى اكسبها الثبات والاستقرار ، وربما يفسر هذا بعض ملامح الصراعات التى واجهت حكم الخليفة عبد الله التعايشى وقصرت مع اسباب اخرى فترة حكمه والتى تحتاج الى مزيد من البحث .

               

              

       




مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...