الاثنين، 1 مايو 2023

ابرز ملامح الصراع على السلطة فى السودان

                الغزو التركى للسودان لم يسمح لهياكل الحكم فيه ان تمضي فى طريق تطورها الطبيعى ورغم ذلك ظلت تلك الهياكل على بساطتها صامدة طيلة فترة الاحتلال التى بلغت ستين سنة وحتى وصول غردون باشا فى مهمته غير المحددة بشكل قاطع والمتراوحة بين اخلاء السودان كهدف رئيس وبين ترتيب شئون ادارته (لميمونة ميرغنى حمزة تفاصيل اوفى فى مؤلفها _حصار وسقوط الخرطوم 1884-1885_ الصادر عن دار جامعة الخرطوم للطباعة والترجمة والنشر فى 1972) .

                      فى بربر واجهت غردون اسئلة صعبة اهمها لمن تؤول السلطة فى السودان عند اخلائه حتى لا يغرق في الفوضى ؟

                  استقر الرأى على ان يؤول الحكم للعائلات التى كانت اسرها فى سدة الحكم قبل الغزو التركى ، وهنا برز سؤال عن كيفية التعامل مع الامام المهدى الذى حقق انتصارات كبيرة فى كردفان غيرت من الواقع السياسى ببروزه قوة جديدة اخلت بمعادلة السلطة المرجوة ذات الشرعية التاريخية ، فرؤى ان يعين المهدى سلطانا على كردفان على ان تمضي ترتيبات نقل السلطة كما اتفق عليه للعائلات التى كانت تحكم قبل الغزو التركى على بقية ارض السودأن .

                لم تؤد المكاتبات التى دارت مع المهدى الى نتيجة ،فالامام المهدى كان هدفه السودان بأكمله ، وما جرى بعد ذلك معلوم فى تأريخ السودان  وما يهمنى هنا إن البروف ميمونة ميرغنى حمزة استطاعت برصدها الثاقب ان تمسك بأول ملمح للصراع على السلطة فى السودان فى خواتيم القرن التاسع عشر عند نهاية الغزو التركى للسودان ، وتبدو لى ان هذه الوقائع التى ابرزتها فى سفرها الرائع هذا والتى برز فيها الصراع على السلطة بكل اشكاله الدموية التى مرت فى تأريخ تلك الحقبة له امتداداته فى عصرنا الحديث فى كل المنعطفات التى سال فيها الدم السودانى فى صراع السلطة.

                  هياكل الحكم فى السلطنة الزرقاء بجانب شرعيتها التأريخية كانت من القوة والثبات بمكان لم يستطع معها لا الاتراك ولا الانجليز ان يتخطوها بل بنوا عليها هياكل حكمهم الامر الذى اكسبها الثبات والاستقرار ، وربما يفسر هذا بعض ملامح الصراعات التى واجهت حكم الخليفة عبد الله التعايشى وقصرت مع اسباب اخرى فترة حكمه والتى تحتاج الى مزيد من البحث .

               

              

       




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اسرار الخلاص

                    الأسئلة لا تستطيع ان تغطى مجاهيل هذى المخاضة ، لا جدوى من سؤال او اجابة فى حضرة ذاكرة محتلة بالعشق ، ذاكرة كل نوافذها...